رواية Quatre soldats أربعة جنود لـ هوبرت مينغاريلي

حول المؤلف والسياق
- هوبرت مينغاريلي (Hubert Mingarelli) كاتب فرنسي، من مواليد 1956، تُوفي عام 2020.
- أسلوبه الأدبي يتميز بالاقتصاد في الكلمات، البساطة الظاهرة في السرد، التأمل في التفاصيل الصغيرة، والمزج بين الصمت واللحظات الإنسانية اليومية لكن تحت وطأة الحرب أو المعاناة.
- “Quatre soldats” نُشِرت عام 2003، وفازت بجائزة ميديشي (Prix Médicis).
الملخّص
الزمان والمكان:
- العام: ~1919، بعد موسم شتاء قاسٍ قضته مجموعة من الجنود الروس (الجيش الأحمر) في الغابة.
- المكان: روسيا، ضمن حرب أهلية أو اضطرابات ناجمة عن الحرب بعد الثورة، مع طبيعة غابة وبيئة معزولة، ثم الانتقال نحو حيث يجب أن يعودوا إلى الجبهة.
الحبكة والشخصيات:
- أربعة جنود: كل واحد منهم يحمل خلفية وجسده ونفسه المرهق من الشتاء، الصراع، الانتظار، الجوع، والخوف.
- انضم إليهم صبيّ (ولد صغير) يُدعى Evdokim، يُجند طوعًا، وهو يُشكّل عنصرًا مميزًا لأنّه الوحيد الذي يستطيع الكتابة، وبدفتره يسجل الأحداث والملاحظات اليومية، ويصبح حلقة وصل بين الجنود وبين ما تبقى من إنسانيتهم وذاكرتهم.
- الرواية ليست مركزة على المعارك الكبيرة، أو الانتصارات، أو الخطط العسكرية؛ بل على العيش اليومي: الانتظار، المعاناة، الطقوس الصغيرة التي تُعطي معنى للوجود في لحظة الحرب والتشظي.

الأسلوب الفني واللغة
- البساطة والاقتصاد: مينغاريلي لا يبالغ في الوصف التفصيلي المتشعّب، بل يلتقط التفاصيل البسيطة (كحفنة تراب، مسحة ضوء، رائحة الخبز أو الأكل، برودة الثلج، صوت الرياح…) ويجعلها مؤثرة جدًا.
- الصور الصامتة: هناك مشاهد لا كلمات كثيرة فيها، لكن الصمت يُعبّر بقدر كبير عن الخوف، عن الفراغ، عن الروتين المرير للحرب. مثلاً مشاهد الاستحمام في البرك، مشاهد الليل، اللحظات التي لا يحدث فيها شيء ظاهريًا لكنها تعكس الكثير داخليًا.
- التكرار والطقوس: طقوس صغيرة (مثل اللعب بالورق، مراقبة الوقت، امتلاك صورة امرأة في ساعة مكسورة، دفاتر الصبي) تُصبح رموزًا للأمل، للتشبّث بما تبقّى من إنسانية.
- الصوت السردي: غالبًا السرد من منظور أحد الجنود، بصمت تقريبًا، لا تجزيئات نفسية ضخمة، بل أكثر ما هو واضح من خلال ما يُرى، ما يُقال، وما لا يُقال.
الموضوعات والمحاور الفلسفية
- الهوية الجماعية والفرادة الفردية: الجنود ينتمون إلى الجيش الأحمر، ولكن كل واحد مختلف في طريقة استجابته، في خوفه، في تذكره، في ماضيه، في طموحه، حتى في قدرته على التعبير (الصبي يستطيع ذلك). وجودهم معًا يخلق هوية فرعية تجمعهم، لكنها ليست هوية موحدة بكل تفاصيلها.
- الحرب والعبث: الحرب ليست هنا هدفًا أو ملحمة يُفخر بها، إنما تجربة أبشع: البرد، الموت، الجوع، الخسارة، الانتظار الطويل. النص يُظهر كيف أن الجنود لا يعرفون دومًا لماذا هم هناك، أو ما الجدوى من الصمود، لكنهم يواصلون لأن هذا ما تبقى.
- الأمل الصغير والمقاومة الصامتة: الأمل لا يُعبّر عنه بانتصار عظيم بل بطقوس بسيطة، بصور، بكلمات تُكتب، بلحظة استحمام، بل بنومة على الأرض الباردة. هذه الأشياء الصغيرة هي مقاومة ضد الخوف والنسيان.
- الذاكرة والكتابة: وجود الصبي الذي يسجل اللحظات، الذين لا يعرفون كيف يكون السرد في كثير من الأحيان؛ الكتابة تصبح وسيلة للحفظ، للإنسانية، وربما للخلاص الذاتي، أو على الأقل لتسجيل ما لا يُرغب أن يُنسى.
المميزات والسلبيات
الإيجابيات:
- أسلوب مؤثر بعمق، رغم (أو بفضل) البساطة. يعطي القارئ فرصة للتمعّن، للتعاطف، لأن يعيش الصمت والخوف واللحظات الهامشية.
- الشخصيات مقنعة في ضعفها، في إنسانيتها، في الحاجة المتبادلة بينهم.
- البناء السردي الذي يجعل القارئ جزءًا من المراقب، ليس كقائد أو كبطل، بل كمن يرى ما يحدث ويراقب كيف يُستعاد الأمل برغم الحرب.
- الرمزية التي لا تطغى على الواقعية، فتوازن بين ما هو ملموس وخفي، بين ما يراه الجنود وبين ما يفكرون به وما لا يقولونه.
السلبيات:
- لمن لا يحبون الأدب التأملي أو الوتيرة البطيئة، الرواية قد تبدو “هادئة جدًا”، قد يشعر أن الأحداث لا تتقدّم بسرعة كافية.
- القليل من الخلفيات التاريخية المفصلة: مِن هو العدو بالضبط، أين الجبهة تحديدًا، ما تفاصيل الحرب الأهلية الروسية، هذا قد يزعج من يبحث عن الروايات الحربية التقنية أو التاريخ الدقيق. الرواية تُركّز أكثر على التجربة الحسية والنفسية.
- الشخصيات ليست مُعمقة من حيث الصفات النفسية الداخلية أو التاريخ الشخصي المفصل، بل تُبنى عبر ما تعلّمه خلال الأحداث والتفاعلات، ومن الداخل عبر الصمت أو التفاصيل الصغيرة. هذا أسلوب يُفضّله بعض القرّاء لكنه قد لا يُقنع من يريد دراما “شخصية قوية”.
لماذا تستحق القراءة؟
- لأنها تُقدّم صورة مختلفة عن الحروب: ليست صراخًا أو بطولات، بل الانتظار والخوف والصداقة التي تُخلق في أقسى الظروف.
- لأنها تُذكّر بأن الحرب لا تُنهى بالأحداث الكبرى فحسب، بل بما يحدث داخل الأشخاص، بما يختارون أن يَحتفظوا به من إنسانية.
- لأنها تُظهر قيمة الكلمات الصغيرة، التفاصيل اليومية، كأنها الأثر الذي يثبت أن الإنسان كان موجودًا — فكرة أؤمن أنّها مؤثرة جدًا، خصوصًا لدى من عاش أو يعرف من عاش الحروب أو المعاناة.
