الأدب والتراث الليبي في حلّة جديدة إصداران متميزان من دار الفرجاني
أعلنت دار الفرجاني للنشر، التي تتخذ من القاهرة مقرًا لها، عن إصدار كتابين جديدين يقدمان للقارئ العربي رحلة ممتعة ومثيرة في أعماق التراث الليبي. يعدّ هذا الإصدار فرصة لاكتشاف ليبيا من خلال عيون الكاتبين الليبيين محمد عبد الله الترهوني وحمزة الفلاح، اللذين اختارا السرد الأدبي المشحون بالتفاصيل التاريخية ليمنحا قراءهم تجربة تتسم بالغنى الثقافي والجمال الأدبي.
يأتي هذان الكتابان كمحاولة من دار الفرجاني لتعزيز الأدب الليبي وإظهاره على الساحة الثقافية العربية، مشددين على قضايا الهوية والتراث بأسلوب أدبي يدمج بين الواقعي والأسطوري، ويعكس روح ليبيا المتنوعة.
وقد ساهمت الفنانة الليبية شفاء سالم في إضفاء بعد جمالي على العملين، عبر تصميمها للأغلفة ورسومها الداخلية التي تتناغم مع أجواء السرد.
“موت الآنسة ألكسندرين تين في ليبيا”:مغامرة تاريخية بحسّ أدبي مشوّق
يحمل الكتاب الأول عنوان “موت الآنسة ألكسندرين تين في ليبيا” للكاتب محمد عبد الله الترهوني.
تدور أحداث هذه الرواية حول شخصية ألكسندرين تين، التي تخوض مغامرات مثيرة ومتشابكة في أرض ليبيا، حيث تتداخل الأساطير مع الحقائق، وتكتسب الأحداث طابعًا دراميًا يجذب القارئ إلى صفحاتها. تتميز القصة بتسلسل سردي متقن يُظهر ثقافة ليبيا وتراثها في تمازج جميل بين الخيال والواقع.
يروي الترهوني هذه القصة بأسلوب يشدّ انتباه القارئ، حيث ينقلنا في رحلة إلى قلب الصحراء الليبية، ويعرفنا على تقاليد المجتمع وعاداته، ويمزج بين حكايات الأجداد وواقع الإنسان الليبي المعاصر.
يُعتبر هذا العمل ليس فقط رواية تاريخية، بل دعوة للتأمل في الماضي واستحضاره بروح ملهمة، وكأن الكاتب يسعى إلى ترسيخ هوية ليبيا الثقافية في وجدان القارئ العربي.
من ناحية أخرى، يساهم تصميم شفاء سالم في إثراء الكتاب، حيث قامت بتزيين الغلاف ورسوم داخلية تتناسب مع أجواء القصة، مما أضفى لمسة فنية تعزز من جاذبية العمل وتساعد القارئ على الاندماج أكثر في عالم الرواية، لتتحول القراءة إلى تجربة بصرية وأدبية متكاملة.
“مدارات الثعابين الليبية حوار مع بُناة العالم القديم” استكشاف عميق لتراث القبائل الليبية
أما الكتاب الثاني، “مدارات الثعابين الليبية: حوار مع بُناة العالم القديم” للكاتب حمزة الفلاح، فيقدم لنا رحلة نثرية أدبية إلى عصور القبائل الليبية القديمة. بأسلوب شعري غني ولغة شاعرية، يسرد الفلاح حكايات تلك القبائل، وعلاقاتها مع الحضارات المجاورة، وأثرها في تشكيل الهوية الليبية.
يأخذ الفلاح القارئ إلى أعماق التاريخ، مسلطًا الضوء على شخصيات وتفاصيل منسية، ويعيد الحياة لتلك القصص التي كانت جزءًا لا يتجزأ من نسيج الحضارة الليبية القديمة. يتميز النص بتداخل الأدب مع الأسطورة، ويطرح رؤية جديدة حول مفهوم الهوية والتراث، حيث يمزج بين التاريخ والخيال بطريقة إبداعية، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يخوض حوارًا مع تلك الحضارات المنقرضة، ويعيد التفكير في حضارات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعيون ليبية أصيلة.
وقد جاءت مقدمة هذا الكتاب بتوقيع محمد عبد الله الترهوني، مما يعكس الترابط بين المؤلفين، ويعزز روح التعاون الثقافي بينهما.
كما تضيف الرسومات التي قدمتها الفنانة شفاء سالم بُعدًا بصريًا يتماشى مع طبيعة النص ويبرز تفاصيل القبائل القديمة وأجوائها، مما يجعل الكتاب ينبض بروح التراث الليبي الأصيل.
دار الفرجاني جسرٌ أدبي بين التراث الليبي والعالم العربي
لا تأتي إصدارات دار الفرجاني مجرد كتب في الأدب والتاريخ، بل كجزء من رسالتها لدعم الأدب الليبي وإبراز هوية ليبيا الثقافية.
ففي زمن تتسارع فيه الحياة وتُطمس فيه معالم كثيرة من التراث، تقدم الدار هذه الكتب كتذكرة بأهمية الثقافة والهوية، وتؤكد على دور الأدب في تسليط الضوء على القضايا التراثية والتاريخية بأسلوب معاصر.
من خلال “موت الآنسة ألكسندرين تين في ليبيا” و “مدارات الثعابين الليبية”، نجد مزيجًا من السرد الأدبي والتاريخي الذي يعبر عن الواقع والماضي، ويطرح قضايا تتعلق بالتراث والهوية بأسلوب فني جاذب.
وبهذه الطريقة، تتجاوز دار الفرجاني دور النشر التقليدي، لتصبح جسرًا ثقافيًا يربط ليبيا بالعالم العربي، ويساهم في تعزيز مكانة الأدب الليبي في المشهد الثقافي العربي.
الأدب الليبي يحيا من جديد
في عالمٍ تتسارع فيه وسائل الإعلام وتتنوع مصادر المعلومات، يبقى الكتاب وسيلة فريدة للتأمل والفهم. تتيح دار الفرجاني من خلال إصداراتها للقارئ فرصة لاستكشاف زوايا مختلفة من التراث الليبي، وتجسد عبر هذه الأعمال روح ليبيا المتنوعة وعراقتها.
إن قراءة “موت الآنسة ألكسندرين تين في ليبيا” و “مدارات الثعابين الليبية” ليست مجرد استمتاع بالنص، بل دعوة لاكتشاف أعمق للهوية الليبية، ونظرة إلى ماضٍ يزخر بالتنوع والغنى.
هذان الكتابان يعدان إضافة قيّمة لكل قارئ يسعى إلى فهم التراث العربي، ويعدان خطوة جديدة في طريق الأدب الليبي نحو الانتشار في العالم العربي.