فقدت الساحة الثقافية الجزائرية والعربية، اليوم، واحدًا من أبرز أعمدتها، الكاتب والقاص والمترجم الجزائري بوداود عميّر، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 64 عامًا، بعد مسيرة أدبية حافلة أثرت المكتبة الجزائرية والعربية بمجموعة من الأعمال التي تحمل بصمته المميزة.
نشأة ومسيرة بوداود عميّر
وُلد بوداود عميّر عام 1960 في مدينة عين الصفراء بولاية النعامة، وهي مدينة تقع جنوب غرب الجزائر وتمتاز بتراثها الثقافي العريق وتاريخها الغني. نشأ عميّر في بيئة ثقافية ألهمته حب الأدب والكتابة، ليبدأ منذ صغره بتطوير موهبته الأدبية التي أصبحت لاحقًا نبراسًا لأجيال من الكُتّاب.
كانت بداياته مع الصحافة الثقافية، حيث كتب العديد من المقالات المتنوعة في الصحف والمجلات الجزائرية والعربية. تناول في كتاباته مواضيع شتى تتراوح بين الأدب، الثقافة، والتاريخ، مما جعله أحد أبرز الأسماء الأدبية التي تجمع بين الأصالة والحداثة.
أعمال أدبية خالدة
تميّز عميّر بأسلوبه الأدبي الراقي وبقدرته على التعبير عن القضايا الإنسانية والاجتماعية بأسلوب مؤثر وعميق. من أبرز أعماله:
- “صوب البحر”: مجموعة قصصية عكست مهارته في السرد ووصفه العميق للعوالم الداخلية لشخصياته.
- “الحراك الجزائري”: كتاب جماعي وثّق أبرز محطات الحراك الشعبي الجزائري من وجهة نظر أدبية وفكرية.
- “خليفة بن عمارة”: دراسة تسلّط الضوء على الباحث المتخصص في تاريخ الجنوب الغربي الجزائري.
- ترجمات لأعمال إيزابيل إيبرهارت: برع عميّر في ترجمة قصص الكاتبة السويسرية الشهيرة التي عكست رؤيتها الخاصة للجزائر في فترة الاستعمار الفرنسي.
- “صديقتي القيثارة”: ديوان شعري عبّر فيه عن رؤيته الشعرية المرهفة وتجاربه الحياتية.
- “الملعقة وأشياء أخرى بسيطة”: نصوص أدبية تناولت تفاصيل الحياة اليومية ببساطة وعمق فلسفي.
دوره في إثراء الثقافة الجزائرية
لم يكن بوداود عميّر مجرّد كاتب، بل كان مثقفًا شاملًا ومترجمًا متقنًا عمل على نقل الأدب الجزائري إلى العالم العربي والعالمي. كما ساهم في تعريف القراء الجزائريين والعرب بأعمال أدبية عالمية من خلال ترجماته المتقنة التي جمعت بين الدقة والجمالية.
شكلّت كتاباته مرآة للمجتمع الجزائري، حيث تطرّق إلى قضايا الهوية، التاريخ، والمصير الإنساني بأسلوب جريء وواقعي.
الحزن يخيّم على الساحة الثقافية
مع رحيل بوداود عميّر، تفقد الجزائر أحد أبرز أعلامها في مجال الأدب والثقافة. وقد عبّر العديد من الكُتّاب والمثقفين عن حزنهم العميق لهذه الخسارة الفادحة، معتبرين أن رحيله يترك فراغًا كبيرًا في المشهد الثقافي الجزائري والعربي.
ختامًا
سيبقى إرث بوداود عميّر شاهدًا على عبقريته الأدبية وحبه العميق للكتابة والترجمة. إنّ أعماله ستظل خالدة في ذاكرة القراء، تُلهم الأجيال القادمة وتُعرّفهم على قيمة الأدب كوسيلة لفهم الذات والمجتمع.
نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.