رواية أنا التي لم أعرف الرجال للكاتبة البلجيكية جاكلين هاربمان

عنوان الرواية

“أنا التي لم أعرف الرجال”
المؤلفة: جاكلين هاربمان (Jacqueline Harpman)
المترجم: ثروت عبد الساتر
الناشر: دار جلسة للنشر والتوزيع
النوع: رواية – أدب سجون – أدب ما بعد الكارثة (Post-apocalyptic)
عدد الصفحات: 288 صفحة (حسب الطبعة الأصلية)
اللغة الأصلية: الفرنسية – Moi qui n’ai pas connu les hommes

تقديم رواية أنا التي لم أعرف الرجال

هذه ليست رواية عن النسيان، بل عن النجاة منه. إنها شهادة أنثى وحيدة، مجهولة الاسم، محتجزة في قبو تحت الأرض مع ثلاثون امرأة، دون أن تُعرَف الأسباب، ولا الجناة، ولا حتى الزمن.

تروي الكاتبة البلجيكية جاكلين هاربمان تجربة إنسانية وجودية قاسية، تحاكي عالمًا خفيًا من العزلة والجهل، وتطرح من خلاله أسئلة كبرى عن الحياة، والمعرفة، والهوية، والأنوثة، والحرية.

الكاتبة جاكلين هاربمان

روائية بلجيكية من أصول فرنسية، وُلدت عام 1929 وتوفيت عام 2012.

درست علم النفس، وهو ما يتجلّى بوضوح في أعمالها التي تميل إلى التحليل النفسي العميق للشخصيات، خصوصًا الأنثوية منها.

وقد اشتهرت بأسلوبها الفلسفي الذي يمزج بين الخيال الأدبي والتأملات الوجودية.
روايتها “أنا التي لم أعرف الرجال” تُعد من أبرز أعمالها وأكثرها تداولًا، وترشحت عنها لجائزة Fémina الفرنسية المرموقة.

عن الترجمة ثروت عبد الساتر

يُحسب للمترجم القدرة على نقل رواية تنبض بالترميز والغموض النفسي بلغة عربية رشيقة وشفافة، و المحافظة فيها على الإيقاع الداخلي للنص الفرنسي، خاصة وأن الرواية تعتمد على سرد داخلي متواصل يُشبه التداعي الحر، دون أحداث واضحة أو حوارات كثيرة.

ملخص رواية أنا التي لم أعرف الرجال

تدور الرواية حول فتاة شابة لا تملك اسمًا، تُحتجز مع مجموعة من النساء في قبو تحت الأرض، تحت حراسة مشددة من رجال صامتين لا يكشفون شيئًا.

لا تعرف السجينة أي شيء عن العالم الخارجي، ولا عن سبب احتجازها، ولا حتى عن جسدها أو رغباتها كأنثى، لكونها لم تبلغ سن النضج بعد.
ثم في لحظة غير متوقعة، تنقطع الكهرباء، ويختفي الحراس، وتُفتح الأبواب، لتبدأ البطلة رحلة هروب إلى المجهول، حيث تصطدم بعالم مدمّر، خاوٍ، خالٍ من البشر، وتبدأ في البحث عن المعنى، وعن صوت يرد عليها، وعن حقيقة الذات.

الرسائل والثيمات المحورية

  1. الهوية والجهل المُؤسَّس:
    لم تُمنح البطلة اسمًا، ولا خلفية، ولا حتى ذاكرة جماعية. إنها تبدأ من الصفر، مما يجعلها مثالًا رمزيًا للإنسان حين يُجرد من كل شيء، حتى اللغة.
  2. الأنوثة المكبوتة:
    العنوان نفسه “أنا التي لم أعرف الرجال” يحيل إلى تجربة غائبة ومُغيَّبة، فالبطلة لم تعرف الحب، أو الجنس، أو حتى العلاقة الإنسانية، مما يجعل من الرواية تأملاً عميقًا في ما تعنيه الأنوثة من دون رجل، ومن دون مجتمع.
  3. العزلة والوجودية:
    تحاكي الرواية في روحها أعمال كامو وبيكيت، حيث تسير البطلة وسط الفراغ، وتواجه الطبيعة، والبرد، والصمت، في بحث عبثي عن المعنى، دون أمل.
  4. الذاكرة والنسيان:
    معظم النساء كنّ يتشبثن بذكريات الماضي كوسيلة للبقاء، أما البطلة، فبقيت بلا ماضٍ، لا تتذكّر أحدًا، مما جعلها أكثر استعدادًا للبقاء، لكنها أيضًا الأكثر وحدة.
  5. ما بعد الكارثة (Post-apocalypse):
    الرواية لا تشرح ما الذي حدث للعالم. هل هي حرب؟ كارثة طبيعية؟ هولوكوست نووي؟ الغموض هو جزء من البناء الفني، مما يجعل القارئ مشاركًا في ملء الفراغات.

الأسلوب والسرد

تُكتب الرواية بصيغة المتكلم، بسرد ذاتي متواصل، خالٍ من الفصول، وتكاد تخلو من الحوارات.

وهذا ما يخلق إحساسًا عميقًا بالانعزال والوحدة لدى القارئ.
اللغة شاعرية، حزينة، وعميقة، تمزج بين السرد البسيط والأسئلة الوجودية الثقيلة.

الرمزية والتأويلات

  • القبو: رمز للوعي المسجون، أو للمجتمع الأبوي الذي يحبس النساء ويمنعهن من النمو.
  • الرجال الصامتون: قد يكونون السلطة، النظام، أو التاريخ الذكوري.
  • الخروج إلى العالم الخالي: ولادة ثانية للأنثى، ولكنها ولادة في صحراء، لا في جنة.

آراء نقدية

  • وُصفت الرواية بأنها “قصيدة نثر وجودية عن الصمت”،
  • وقارنتها بعض النقاد برواية الطاعون لألبير كامو،
  • وأشاد بها القراء الباحثون عن رواية فكرية تتجاوز السرد التقليدي.

في الخلاصة

“أنا التي لم أعرف الرجال” ليست مجرد رواية عن سجن وظلم، بل عن الإنسان حين يُلقى به في عالم لا معنى له، ويُطلب منه أن يبني نفسه بنفسه، من دون ذاكرة، من دون حب، من دون حتى أمل.

إنها تجربة أدبية عميقة، مرهقة، لكنها ستبقى في ذهن القارئ طويلًا، وتدعوه لإعادة النظر في معاني الحرية، الهوية، والوجود.

رواية أنا التي لم أعرف الرجال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى