رواية الضوء آخر المساء للكاتبة التشيلية ماريا خوسيه فيرادا

(منشورات تكوين – الكويت، ترجمة مارك جمال)
تأتي رواية “الضوء آخر المساء” للكاتبة التشيلية المبدعة ماريا خوسيه فيرادا كعمل أدبي استثنائي يجمع بين السرد البسيط والحس الفني العميق.
فيرادا، الحائزة على جوائز مرموقة مثل جائزة نقاد الفن وجائزة وزارة الثقافة لأفضل رواية، تثبت مرة أخرى قدرتها على صياغة نصوص تلامس الروح وتعيد اكتشاف العالم من منظور طفولي بالغ الرهافة.
رواية مرسومة: الفن والنص في توازن مذهل
تُصنّف الرواية ضمن فئة “الروايات المرسومة”، وهو تصنيف نادر يجمع بين النصوص القصيرة والرسوم والتلميحات البصرية.
هذا الأسلوب يجعل القارئ يعيش التجربة الأدبية كأنها لوحة فنية متحركة. الضوء، كما يوحي العنوان، ليس مجرد عنصر جمالي، بل رمز للذاكرة، والوعي، والنهاية التي تلتقي فيها الأشياء ببداياتها.
صوت الطفولة والدهشة الأولى

من خلال عيون فتاة صغيرة، تقدّم فيرادا رحلة اكتشاف العالم:
- الطفلة تلتقط التفاصيل الصغيرة التي غالباً ما يعبرها الكبار دون انتباه.
- النجوم تتحول في مخيلتها إلى “مسامير مضيئة في السماء”، في استعارة تمزج البراءة بالعمق الفلسفي.
- وصف خطواتها الأولى يفتح مساحة للتأمل في معنى البدايات والنمو، وكيف يُشكّل الضوء والظل مسارات حياتنا.
الترجمة والجانب الفني
المترجم مارك جمال نقل النص إلى العربية بلغة شاعرية رشيقة، محافظةً على بساطة الأصل وعمقه.
الرسم المصاحب للنصوص يُكمّل الكلمات دون أن يفرض معنى محدداً، فيدع القارئ يستكشف المعاني وفق تجربته الخاصة.
هذه المساحة المفتوحة للتأويل تمنح الرواية طابعاً عالمياً يجعلها تتجاوز حدود الثقافة التشيلية.
موضوعات الرواية وأبعادها الإنسانية
العمل يطرح أسئلة كبرى في قالب صغير:
- كيف نواجه المجهول ونحن في بدايات الطريق؟
- ما الذي يجعل الذكريات الأولى أكثر رسوخاً من أحداث كبرى لاحقة؟
- وهل الضوء – رمز الأمل والنهاية – يرافقنا حتى آخر مساء؟
قيمتها في الأدب الحديث
“الضوء آخر المساء” ليست رواية بالمعنى التقليدي؛ إنها تجربة حسية وبصرية تستدعي القارئ ليكون شريكاً في بناء المعنى.
العمل يعكس تياراً أدبياً معاصراً يدمج الفنون المختلفة، ويؤكد أن الأدب يمكن أن يتخطى الشكل السردي المألوف ليصبح مساحة للتأمل البصري والروحي.
خلاصة
هذا الإصدار من منشورات تكوين هو إضافة مهمة للأدب المترجم في العالم العربي. إنه عمل يوازن بين الرقة والعمق، بين الخيال والواقع، وبين الضوء والظل.
ماريا خوسيه فيرادا تكتب بعيون طفلة وبحس فنانة ناضجة، مما يجعل “الضوء آخر المساء” رواية ستبقى في الذاكرة طويلاً، وتمنح القراء فرصة لإعادة اكتشاف العالم بنظرة بريئة ومتأملة في آن واحد.
