
المؤلف والناشر
يُعدّ عبد الوهاب عيساوي من أبرز الأصوات الأدبية الجزائرية المعاصرة، وهو الحائز على جائزة البوكر العربية عام 2020 عن روايته “الديوان الإسبرطي”.
يعود إلينا برواية جديدة تحمل عنوانًا شائقًا ومليئًا بالرمزية: “حبل الجدة طوما”، من إصدار منشورات تشكيل، وهي دار نشر سعودية تهتم بالأدب الحديث والمواهب العربية المتجددة.
الغلاف والعنوان
يعكس الغلاف جوًّا من الحنين والرمزية، حيث يظهر حبلٌ معلّق بألعاب تقليدية، وخلفية ضبابية لقرية جبلية، ما يوحي بأن الرواية ستكون غارقة في الموروث الشعبي والرموز العائلية. أما العنوان، فهو يثير تساؤلات متعددة: من هي الجدة “طوما”؟ ولماذا حبلها بالذات؟
مدخل النص (من الغلاف الخلفي)
تنطلق الرواية من مشهد غرائبي وشاعري لطفل يجد نفسه فوق الماء، وكأنما خرج من الأسطورة، يبحث عن شجرة أرز منسية في قاع البحيرة.
هذه اللغة الشعرية المكثفة، إلى جانب الإشارات الصوفية والميتافيزيقية، تنذر برواية تتداخل فيها الواقعية بالرمزي، والزمن بالحلم، والمكان بالذاكرة.
الموضوع والثيمات
تغوص الرواية في أبعاد متعددة، منها:
- الهوية والذاكرة الجماعية: هناك سرد يرتبط ببلدة قد تكون خيالية أو محمّلة بالرموز، تحاكي ذاكرة الطفولة والحنين إلى الماضي.
- الأسطورة الشعبية: تستحضر الرواية روح الجدة “طوما”، التي تمثل الحافظة للذاكرة الشفهية والأساطير المحلية.
- البحث عن الجذور: يحاول بطل الرواية فهم أصوله من خلال رموز مادية مثل الحبل والشجرة والقرية.
- الحضور الأنثوي الرمزي: الجدة طوما تمثل الأم الكبرى، حارسة الحكمة والرمز الأسطوري.
الأسلوب واللغة
اللغة تمزج بين الشعرية والتأمل، وهي ذات إيقاع بطيء يترك للقارئ مجالًا للغوص في الرموز والتأملات، يستخدم الكاتب التكرار والرمزية لبناء عالم سحري غني بالتفاصيل والانفعالات.
البنية السردية
تبدو الرواية ذات بنية غير خطية، تعتمد على التدفق الشعوري والاسترجاع، وتستحضر تقنيات الحكاية الشفوية المتقطعة. الجدة “طوما” قد تكون الراوية أو المحور الذي تدور حوله باقي الشخصيات.
القيمة الأدبية
تعكس الرواية قدرة عيساوي على تجديد الحكاية وإعادة تشكيل الذاكرة الجمعية في إطار جمالي.
هي ليست مجرد قصة، بل تجربة شعورية تطرح أسئلة عن الحياة، والموت، والانتماء، والأسطورة.
الناشر: تشكيل
دار تشكيل أثبتت حضورًا قويًا في النشر العربي، وخطوتها في تبني هذا العمل تعكس حرصها على الأدب الرفيع. الغلاف والطباعة والتصميم يعكسون اهتمامًا بالتفاصيل.
في الختام
“حبل الجدة طوما” ليست رواية تقليدية، بل عمل فني يتطلب قارئًا صبورًا ومتأملًا.
إنها رحلة روحية في ذاكرة عائلة، قرية، وربما وطن. قصيدة نثرية طويلة تحفر في وجدان القارئ وتترك فيه أثرًا غامضًا لا يُمحى بسهولة.
