رواية عينا مونا للكاتب توماس شليسّير

ترجمة: روزذ مخلوف | صدرت عن منشورات وسم، الكويت

عن الرواية: “عينا مونا”

رواية “عينا مونا” هي عمل أدبي يعكس العلاقة العميقة بين تاريخ الفن وتأثيره على الحياة البشرية.

عن الرواية: “عينا منى”

رواية “عينا منى” هي عمل أدبي متميز للكاتب الفرنسي توماس شليسّير، الذي قدم فيها رواية فنية فلسفية تهدف إلى تعزيز العلاقة بين الفن وحاسة البصر، من خلال قصة ملامسة للإنسانية والحياة الفنية بشكل عميق.

تدور الرواية حول الطفلة منى، التي فقدت بصرها فجأة في عمر العشر سنوات، ليبدأ جدّها هنري بمساعدتها على اكتشاف عالم الفن من خلال زيارة المتاحف، وتعريفها بلوحات فنية مشهورة باستخدام أسلوب يختلف عن الطريقة التقليدية، من خلال شرح الفنانين ونياتهم أثناء إنجاز الأعمال الفنية.

تُعنى الرواية بشكل أساسي بالفن وتاريخه، حيث تمزج بين التجربة الشخصية للطفلة منى في مواجهة العمى وبين العوالم المتعددة التي تفتحها اللوحات الفنية، مثل لوحات دافنشي وفان غوغ وغيرهم.

يتضح من الرواية أنها ليست مجرد قصة عن فقدان البصر، بل هي احتفاء بالفن كوسيلة لبناء الذكريات وملء الفراغ الذي يتركه العمى.

ولعل هذه المحاولة لتضمين الأعمال الفنية الكبيرة بطريقة قريبة للقارئ هو ما يميز الرواية.

تأخذ الرواية شكلاً مميزًا، حيث تُقسّم إلى 52 فصلاً، وهو عدد الزيارات التي تقوم بها منى مع جدها إلى المتاحف الباريسية الشهيرة مثل اللوفر وأورساي ومركز بوبور.

يُركّز السرد في كل فصل على عمل فني من أعمال كبار الفنانين، مع شرح شامل لكل لوحة يتعرف إليها القارئ من خلال انطباعات منى، التي تتأمل وتستمتع بهذا الفن بالرغم من فقدان بصرها.

بفضل أسلوب الكاتب الفرنسي توماس شليسّير، تتداخل مفردات التاريخ الفني مع مشاعر شخصية ومعقدة تنبثق من داخل الشخصيات التي تتحرك في محيط معاصر يواجه صراعًا داخليًا مع هويته الفنية والثقافية.
تمثل الرواية تساؤلات فلسفية عن الفن وكيفية تأثيره على تطور الإنسان والمجتمع.
تركيز الرواية على لوحة “مونا ليزا” الشهيرة ليوناردو دافنشي، يعيد إحياء الحوار حول كيف أن الفن لا يقتصر فقط على العرض البصري بل له قدرة على تغيير الحياة الشخصية للأفراد وتوجيه مصائرهم.

عن الكاتب: توماس شليسّير

توماس شليسّير هو كاتب وفنان فرنسي معروف بإنتاجه الأدبي الذي يتراوح بين الروايات التاريخية والفكرية.
يركز في أعماله على التشابك بين التاريخ والفن، والطرق التي يساهم بها الفن في تشكيل وعي الإنسان. منذ بداية مسيرته الأدبية، قام شليسّير بتناول مواضيع تمزج بين الأسلوب السردي التاريخي والأبعاد الفلسفية العميقة، مما جعل أعماله محط اهتمام القراء والنقاد على حد سواء.
تمزج رواياته بين السرد الدقيق والبحث العميق في تاريخ الفن، مما يخلق تفاعلًا رائعًا بين الفن والعواطف البشرية.

عن المترجمة: روزذ مخلوف

روزذ مخلوف هي مترجمة وكاتبة عربية بارعة، معروفة بقدرتها على نقل النصوص الأدبية والفكرية الفرنسية إلى اللغة العربية بشكل يضمن الحفاظ على روح النص الأصلي.
من خلال ترجماتها الدقيقة والسلسة، تتمكن من تقديم النصوص الفرنسية المعقدة بطريقة يفهمها القارئ العربي.
في رواية “عينا مونا”، نجحت روزذ مخلوف في نقل مشاعر الرواية المعقدة ومفاهيم الفن بطريقة سلسة تتيح للقراء العرب التفاعل مع النص كما لو كان مكتوبًا بلغتهم الأصلية.

عن دار النشر: منشورات وسم

منشورات وسم هي دار نشر كويتية متخصصة في تقديم الأعمال الأدبية والفكرية باللغة العربية.
تركز الدار على نشر الأدب المعاصر، خاصة الترجمات من الأدب العالمي، وذلك بهدف إثراء المكتبة العربية بأعمال تتمتع بعمق فكري وأدبي.
من خلال مجموعة متنوعة من الكتب الأدبية والفكرية، تسعى منشورات وسم إلى تقديم الأفضل للقارئ العربي، مع إيلاء اهتمام خاص للأعمال التي تسلط الضوء على جوانب الثقافة والفن والمجتمع.

نقدية موسع لرواية “عينا مونا” للكاتب توماس شليسّي

من حيث البناء السردي، يتناول شليسّير شخصية رئيسية تتقاطع حياتها مع ماضيها الفني، وهو ما يتجلى في تداخل الذكريات والشخصيات والأماكن بطريقة متشابكة.
ومع كل صفحة، يفتح القارئ أبوابًا جديدة للفهم العميق للمفاهيم الفنية وتاريخ الفن الأوروبي، وفي ذات الوقت يبرز ارتباط هذه المفاهيم بالأسئلة الإنسانية المعقدة مثل الهوية والوجود.

النقد الأدبي للرواية

الغموض والتجريد

أحد الجوانب التي قد يراها البعض مميزة في “عينا مونا” هو أسلوب الكاتب الذي يميل إلى التجريد والغموض.
هذا الأسلوب يثير تساؤلات فلسفية عميقة، لكنه في الوقت نفسه قد يجعل الرواية صعبة الهضم للبعض.
بينما يقدر بعض القراء الأسلوب العميق والغني في الرواية، يجد آخرون أنفسهم غير قادرين على التفاعل بشكل مباشر مع الشخصيات أو السرد، حيث تظل بعض جوانب القصة غير واضحة أو مبهمة في بعض الأحيان.

الرمزية المفرطة

استخدام الرمزية بشكل مكثف هو سمة أخرى تميز الرواية.
رغم أن هذا يقدم طبقات متعددة من المعنى ويضيف عمقًا إلى النص، إلا أنه يمكن أن يكون محيرًا في بعض الأحيان، حيث يتم التركيز على التأملات الفلسفية أكثر من تطور الحبكة الروائية.
هذا قد يؤدي إلى فقدان بعض القراء للاتصال بالشخصيات والوقائع بشكل ملموس، حيث يبدو أن الرواية تبتعد عن الشخصيات نفسها، مما يعوق إغراء القارئ البسيط.

مقاربة الفن والإنسان

في الرواية، لا يقتصر البحث على تأثير الفن في حياة الأفراد فقط، بل يذهب إلى أبعد من ذلك ليطرح تساؤلات حول ما إذا كان الفن مصدرًا للحياة أم أداة لتشكيل الذات.
كما أن الكاتب يسعى جاهدًا لإظهار العلاقة بين الشخصيات الفنية والفن كمحدد لهوية الإنسان. هذه المقاربة العميقة بين الفن والمشاعر الشخصية هي التي تجعل الرواية تلامس القضايا الوجودية الكبرى، لكنها في نفس الوقت قد تعمق العزلة الذاتية وتفقد القارئ المبتدئ في التفكير الفلسفي الذي قد لا يكون على دراية به.

البحث عن المعنى والتأويلات المختلفة

تسلط الرواية الضوء على أهمية البحث عن المعنى الشخصي في الأعمال الفنية، خاصة في ظل عيون مونا ليزا التي تتسم بالغموض. في هذا السياق، يتساءل القارئ: هل يقتصر الفن على كونه مجرد شكل من أشكال التعبير، أم أنه يتجاوز ذلك ليصبح أداة لفهم الذات والعالم؟ وهذا السؤال يعكس البحث المستمر عن التأويلات المختلفة التي تطرحها الأعمال الفنية، مما يفتح الباب لتعدد القراءات والتأويلات.

النقد والترجمة

الترجمة التي قامت بها روزذ مخلوف كانت أمينة للروح الأصلية للرواية، فقد نجحت في نقل عمق النص الفرنسي إلى اللغة العربية، مع الحفاظ على الطابع الفلسفي المميز الذي يميز أسلوب شليسّير.
ومع ذلك، يمكن القول إن بعض الفقرات قد فقدت جزءًا من حيويتها عند انتقالها من لغة إلى أخرى، خصوصًا في المصطلحات الفلسفية والتاريخية الدقيقة التي قد تكون صعبة الفهم للمترجمين والمتلقين على حد سواء.

رواية عينا مونا

رواية “عينا مونا” هي عمل يتسم بالغموض الفني والفلسفي، حيث تتشابك مفاهيم تاريخ الفن وتأثيره العميق على الحياة الشخصية للأفراد.
تتخذ الرواية من لوحة “مونا ليزا” الشهيرة نقطة انطلاق لرواية قصة تزاوج بين الإنسان والفن، حيث تعتبر اللوحة رمزًا عالميًا يعكس المجهول في ملامحها، ويجعل الرواية تتأمل هذا المجهول عبر شخصيات تائهة في الزمن والمكان.
هذه الرمزية تبرز في أحداث الرواية التي تسلط الضوء على آلية تأثير الفن في المشاعر والقرارات الحياتية.

الختام

“عينا مونا” هي رواية تجمع بين تاريخ الفن والتأثيرات النفسية والاجتماعية التي يتركها على الأفراد، وتفتح للقراء العرب نافذة جديدة لفهم كيف يمكن للفن أن يكون محورًا لتحول الحياة الشخصية والجماعية.
بفضل أسلوب توماس شليسّير الرائع وترجمة روزذ مخلوف المبدعة، يقدم هذا العمل الأدبي تجربة فريدة لقراء الأدب العربي، كما يُعد إضافة مهمة للمكتبة الأدبية التي تجمع بين الفلسفة والفن في سرد أدبي استثنائي.

تم اقتباس بعض الجمل من العربي الجديد

Exit mobile version