
رويا السعودية – خاص
تستعد الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، يوم الأحد المقبل الموافق 4 ماي، لاستقبال ضيفٍ رفيع المستوى في زيارة “دولةٍ” تمتد ليومين، حيث يحلّ جلالة السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، ضيفًا على الجزائر، على رأس وفدٍ رفيع المستوى يضم عددًا من المسؤولين والوزراء، في خطوةٍ تكتسي أهمية استراتيجية على المستويين الثنائي والإقليمي.
تعزيز العلاقات الثنائية من التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية
تأتي هذه الزيارة في سياق العلاقات التاريخية بين الجزائر وسلطنة عُمان، والتي اتسمت على مدى العقود الماضية بالاحترام المتبادل والتعاون البناء، وتعد هذه الزيارة محطة مفصلية لترقية هذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الشاملة، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن الزيارة ستشهد التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات حيوية مثل الاقتصاد، والاستثمار، والطاقة، والتعليم، والثقافة.
وقد عبّرت الجهات الرسمية في البلدين عن حرصهما المشترك على دفع العلاقات نحو آفاق أوسع، مستفيدين من الاستقرار السياسي والرؤية الحكيمة التي يتمتع بها كلا القيادتين، وخصوصًا في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة.
التشاور السياسي من أجل عمل عربي مشترك فاعل
تمثل هذه الزيارة أيضًا فرصة سانحة لتكثيف التشاور والتنسيق بين القيادتين بشأن أبرز القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الأزمات التي تشهدها المنطقة العربية، لاسيما القضية الفلسطينية، والأوضاع في السودان، وليبيا، واليمن، وسوريا.
ويُتوقع أن يبحث الزعيمان سبل تعزيز العمل العربي المشترك وتوحيد المواقف داخل المحافل الدولية، بما يُعيد للعمل العربي الجماعي ثقله الاستراتيجي في إدارة الأزمات الإقليمية وبناء مسارات للحل السياسي والدبلوماسي بعيدًا عن منطق القوة والتدخلات الخارجية.
الدور العماني-الجزائري في حلحلة الأزمات الإقليمية
برز في السنوات الأخيرة دور كل من الجزائر وسلطنة عُمان كقوتين عقلانيتين في العالم العربي، تميلان إلى الحلول السياسية وتغليب منطق الحوار على التصعيد، وقد نجحت كل منهما في تقديم مقاربات بناءة في أزمات حساسة، وخصوصًا في الملفين اليمني والسوداني.
وتتقاطع الرؤية العمانية الداعية إلى “الحياد الإيجابي والوساطة الحكيمة” مع الرؤية الجزائرية التي تقوم على “عدم التدخل وحل النزاعات بالحوار”، مما يجعل من البلدين محور توازن إقليمي قادر على لعب دور مهم في تهدئة التوترات وإطلاق مبادرات وساطة تدعم استقرار المنطقة.
وتشير التوقعات إلى أن الزيارة ستُتوَّج بمواقف سياسية مشتركة داعمة للتسويات السلمية في بؤر التوتر، وتأكيدًا على مركزية القضية الفلسطينية كقضية العرب الأولى، وضرورة بناء موقف عربي موحد في مواجهة التحديات الجيوسياسية.
البعد الاقتصادي والتكامل التنموي
إلى جانب الملفات السياسية، سيكون الجانب الاقتصادي حاضرًا بقوة في الزيارة، إذ تسعى كل من الجزائر وعُمان إلى تعزيز التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والبتروكيماويات، والتمويل الإسلامي، والخدمات اللوجستية، مستفيدين من التكامل في الموارد الطبيعية والبشرية.
كما يُتوقع أن يتم فتح المجال أمام الاستثمار المشترك في عدد من المشاريع الكبرى، مما يعزز من فرص التنمية المستدامة في البلدين، خاصة في ظل جهود التنويع الاقتصادي التي تنتهجها كل من الجزائر (في إطار رؤية الجزائر الجديدة) وسلطنة عُمان (في إطار رؤية عُمان 2040).
في الختام
تمثل زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى الجزائر فرصة تاريخية لإعادة صياغة العلاقات العمانية الجزائرية وفق رؤية استراتيجية تتجاوز التعاون الثنائي لتصل إلى دور محوري في خدمة القضايا العربية والدفع نحو الاستقرار الإقليمي.
وبينما تلتقي الرؤى وتتقاطع المصالح، يُتوقع أن تؤسس هذه الزيارة لمرحلة جديدة من التكامل والتنسيق بين بلدين شقيقين يحملان على عاتقهما مسؤولية بناء السلام وتعزيز التضامن العربي.
الجزائر تستعد… وعُمان تعيد رسم ملامح الدبلوماسية الهادئة.
