
كل يوم يمر من عمر شبكة الإنترنت، يُضاف إلى هذا العالم الرقمي كم هائل من البيانات، يتجاوز قدرة العقل البشري على الاستيعاب، ويعكس بصورة دقيقة إلى أي مدى أصبحنا معتمدين على التقنية والاتصال.
وبحسب إحصائية حديثة نشرها موقع “Exploding Topics”، من المتوقع أن يشهد عام 2025 وحده إنتاج ما يقرب من 147 زيتابايت من البيانات؛ أي ما يعادل 147 ألف مليار جيجابايت، رقم فلكي يُجسّد ظاهرة “تضخم البيانات” التي بدأت منذ العقد الماضي ولا تزال تتسارع بشكل غير مسبوق.
ما معنى “زيتابايت”؟
للتقريب، فإن زيتابايت واحد يساوي مليار تيرابايت، أو ألف مليار جيجابايت.
وبمقارنة بسيطة، فإن معظم أجهزة الحواسيب الشخصية لا تحتوي إلا على قرص تخزين لا يتجاوز حجمه 1 تيرابايت، أي أن الزيتابايت يتجاوز قدرة هذه الأجهزة بملايين المرات.
من أين تأتي هذه البيانات؟
تتوزع مصادر هذه البيانات ما بين استخدامات الأفراد اليومية (من صور ومقاطع فيديو ورسائل بريد إلكتروني وتفاعلات على وسائل التواصل)، وبيانات الشركات الضخمة، ومراكز البحث العلمي، وملفات الأجهزة المتصلة بالإنترنت (مثل السيارات الذكية، والأجهزة القابلة للارتداء، والمنازل الذكية)، وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، الذي أصبح ينتج ويستهلك بيانات بكميات ضخمة.
تحديات أمام هذا الطوفان
هذا الانفجار المعلوماتي لا يخلو من التحديات، وأبرزها:
- تخزين البيانات: مع ازدياد الحجم، تتزايد الحاجة إلى مراكز بيانات ضخمة تستهلك طاقة هائلة، وقد تصبح مصدر قلق بيئي في المستقبل.
- تحليل البيانات: ما جدوى امتلاك كل هذه البيانات إن لم نستطع قراءتها واستخلاص المعلومات منها؟ الحاجة إلى أدوات ذكاء اصطناعي وتحليلات متقدمة أصبحت ضرورة لا ترفاً.
- الخصوصية والأمان: كلما زادت البيانات، زادت معها فرص التسريب والاختراق وسوء الاستخدام.
- التحكم والتنظيم: تضخّم البيانات يتطلب إعادة نظر في السياسات الحكومية والتشريعات الخاصة بحماية البيانات وتنظيمها.
هل يمكننا المواكبة؟
الإجابة المعقدة هي: نعم ولا.
نعم، إذا ما استثمرنا بشكل صحيح في تقنيات إدارة البيانات، والذكاء الاصطناعي، وتدريب الكفاءات البشرية القادرة على التعامل مع هذه البيئة الرقمية المعقدة.
ولا، إذا ما استمرت وتيرة الزيادة الحالية دون حلول مستدامة، فقد نصل إلى مرحلة تفقد فيها البيانات قيمتها بسبب صعوبة إدارتها أو ضعف البنية التحتية لاستيعابها.
في الختام
يبدو أن العالم يتجه نحو مرحلة جديدة في علاقة الإنسان بالبيانات، حيث لم تعد المعلومة نادرة بل أصبحت وفرتها هي التحدي الحقيقي. وبينما ننتظر ما سيحمله عام 2025 من زيتابايتات، يبقى السؤال: هل نحن مستعدون فعلاً للتعامل مع سيل البيانات أم سنغرق فيه؟
