كتاب سنوات قتال الشوارع سيرة ذاتية للستينيات لطارق علي

التعريف بالكتاب وسياقه
- العنوان الأصلي: Street-Fighting Years: An Autobiography of the Sixties للمفكّر البريطاني الباكستاني طارق علي.
- المؤلف: طارق علي، ناشط سياسي، كاتب مؤرخ وروائي، معروف بنشاطه اليساري وانتقاداته الراديكالية للنظام الرأسمالي والهيمنة الغربية. ولد في لاهور عام 1943، ودرس في جامعة أكسفورد، وشارك في الحركات الطلابية والسياسية في الستينيات.
- الترجمة: إلى العربية بواسطة عامر فردان.
- الناشر: منشورات تكوين، الكويت.
من غلاف الكتاب الأفكار المحرّكة
النص المكتوب على غلاف الكتاب يشير إلى أن طارق علي يُواجه أسئلة كثيرة اليوم من محاورين: هل يندم على حقبة الستينيات؟ هل يريد فقط التركيز على الحاضر؟ الردّ هو لا — فهو لا يندم على شيء — بالرغم من الأخطاء، لكنه يرى أن الروح العميقة لتلك الفترة كانت الإيمان الحقيقي بضرورة عالم جديد.
كما يُطرح تساؤل مهم: كيف يمكن للمرء اليوم أن يؤمن بشيء غير هذا؟ أي أن السؤال ليس فقط عن الماضي بل عن المستقبل، وعن إمكانية استرجاع روح التيّقظ، روح التغيير.
البحث عن محتوى الكتاب وأهم ما كتب عنه
من المصادر المتاحة مثل Verso، Bloomsbury، وغيرها:
- Street-Fighting Years يغطي نشأة طارق علي السياسية والفكرية خلال الستينيات، من باكستان إلى أوروبا—باريس، براغ، وحركات الطلابية، وحتى مناطق مثل فيتنام وبوليفيا.
- يتناول تجاربه الشخصية: كيف بدأ كناشط شاب، كيف تأثّر بثورات التحرّر الوطني، كيف وقف ضد الإمبريالية الأميركية، كيف شهد أحداثًا مثل حرب فيتنام، ربيع براغ، وغيرها.
- الكتاب يوصف بأنه يمزج بين السرد السياسي والنقد، بين الذكريات والتأمل، بين الشغف السياسي ورؤية نقدية لما حصل من أخطاء أو تناقضات.
نقاط القوة الأساسية في الكتاب

- الصدق الشخصي
طارق علي لا يخفي أخطاءه أو تناقضاته، بل يتعامل معها بصراحة: أنه شارك في حركات، أنه ارتكب أخطاء، أن بعض التوقعات كانت مبالغًا فيها — هذا الصدق يعطي مصداقية قوية للسيرة الذاتية. - سرد واسع وعابر للحدود
لا يقتصر على تجربة محلية بل يمتد إلى تجارب عالمية: التأثر بالأحداث الدولية، الحركات المناهضة للإمبريالية، التعاون مع ناشطين عالميين، وهذا يجعله ليس فقط ذا قيمة محلية أو خاصة، بل ذا بعد عالمي. - اللغة والرؤية الفلسفية
اللغة في الأصل – كما يظهر من التسويق والمراجعات – ليست فقط نقلًا للوقائع، بل تأملًا في معنى الثورة، معنى الحلم، معنى الزمن المفقود وكيف يُعاد استدعاؤه. الترجمة العربية بترجمة عامر فردان يمكن أن تنقل هذا البعد إن احترفتها – التحدي يكمن في إيصال هذا اللون التأملي. - أهمية تاريخية
الستينيات تُعتبر حقبة مفصلية: فترات التفكير بالتحرّر الوطني، اليسار، المقاومة ضد الاستعمار، ظهور حركات ثقافية وسياسية جديدة. كتاب مثل هذا يتيح فهمًا أعمق لمنطق تلك الحركات وأثرها اليوم.
⚠ التحديات أو نقاط الضعف المحتملة
- الحنين أو المبالغة في المظهر المثالي
هناك خطر أن يُنظر إلى الستينيات بعيون الحال، مع مزيج من الهالة والرومانسية، وقد يُغفل الكاتب، أو يُغطي، عيوبًا أو نتائج سلبية لتلك الحركات. بعض المراجعات تشير إلى أن طارق علي يميل أحيانًا إلى تصوير الحماس أكثر من وقوع الفشل أو الخطأ. - المساحة الزمنية المحدودة للنقد
السيرة الذاتية تقريبًا تركز على النشأة والنشاط في الستينيات، وربما لا تملك الوقت الكافي لعرض كيف تبدّلت الأفكار القديمة أو كيف تأثرت بالحاضر، أو كيف تعامل علي نفسه مع الهزائم أو التراجع. - الترجمة والتكييف الثقافي
الترجمة العربية قد تواجه تحديًا في نقل المصطلحات السياسية، الأسماء، الحركات، الأحداث التي قد لا تكون معروفة لدى القارئ العربي؛ يتطلب الأمر حواشي أو شروحًا أحيانًا. كما أن الأسلوب يتطلب التوازن بين القوة الشعورية والدقة التقنية.
المقارنات مع أعمال مشابهة
- يمكن مقارنة الكتاب مع مذكرات نشطاء يساريين من العرب أو من العالم الثالث الذين عايشوا الستينيات، مثال: مذكرات أحمد بن بلا أو نصوص اليسار المصري، أو مذكرات نشطاء من أمريكا اللاتينية أو جنوب آسيا.
- بالمقارنة، طارق علي يمتاز بأنه ليس فقط ناشطًا لكن أيضًا مفكرًا متعدد التخصصات: مؤرخ، روائي، ناقد، وهذا يسمح له برؤية تتجاوز الحدث لتشمل الأيديولوجيا، الثقافة، المفاهيم السياسية.
لماذا هذا الكتاب مهم الآن للقارئ العربي؟
- لأن الكثير من الحركات السياسية اليوم تُعيد استدعاء كلمات مثل “عدالة”. “تحرر”. “مقاومة”. ففهم كيف كان يفكر النشطاء قبل نصف قرن يمكن أن يعطي أدوات نقدية لفهم اليوم.
- لأنه يتيح للمجتمعات العربية استعادة جزء من تاريخ عالمي – الستينيات – ومعرفة كيف كان الصوت اليساري وشباب الثورة في أماكن بعيدة يتحدثون، يحلمون، يخسرون، ويتعلمون.
- للمهتمين بالسياسة، الكتاب يقدم مادة ثرية لفهم كيف تغلّب المال والنظام الرأسمالي على السياسات التقليدية.
الخلاصة والتقييم النهائي
“سنوات قتال الشوارع: سيرة ذاتية للستينيات” لطارق علي هو عمل ذا قيمة مضاعفة: شخصي، سياسي، تاريخي.
إنه لا يقدّم فقط سردًا لحياة مؤلفها، بل يحاول فهم ما الذي جعل الستينيات أكثر من مجرد عقد تاريخي، وكيف أن الروح التي سادت آنذاك يمكن أن تُستدعى اليوم، ليس للحنين فقط، بل لإعادة التفكير، لإعادة بناء الأفكار السياسية والديمقراطية.
إذا كانت الترجمة العربية تراعي الدقة وتحافظ على الإيقاع التأملي والسياسي، فإن هذه النسخة ستكون إضافة لا غنى عنها للمكتبة العربية، لمن يقرأ بعيون الناقد، ولا يكتفي بالماضي بل يسعى لبناء حاضر أفضل.
