كتاب فكرة الشيوعية للمفكّر طارق علي

التعريف بالكتاب وسياقه
- العنوان الأصلي: The Idea of Communism، ضمن سلسلة What Was Communism? للمفكّر طارق علي.
- المؤلف: طارق علي — مفكر، ناشط سياسي، كاتب ومؤرخ معروف بكتاباته التي تنتقد الرأسمالية، تطرح البدائل، وتنظر في التحولات الكبرى للأنظمة السياسية والاقتصادية عابرة الحدود.
- الترجمة العربية: عن الروسية أو الإنجليزية (حسب النسخة الأصلية)، قامت بها د. إيمان معروف.
- الناشر: منشورات تكوين، الكويت.
مضمون كتاب فكرة الشيوعية للمفكّر طارق علي والأفكار الرئيسية
من النص الموجود على الغلاف، ومن البحث المتاح، يمكن تلخيص النقاط الأساسية التي يعرضها طارق علي في فكرة الشيوعية كما يلي:
- فساد المال والسياسة
- أن المال لم يكتفِ بأن يكن قوة اقتصادية بل صار يهيمن على السياسة، يُموّل الأحزاب، يُرسل السياسات في اتجاهات تخدم مصالحه، ويُفسد القيم والممارسة الديمقراطية.
- الأحزاب التقليدية (اليمين، اليسار، الوسط) تحوّلت في كثير من البلدان إلى أدوات لرأس المال أو إلى ما يُعرف بـ الحكومة الوطنية الفعالة التي تتجاهل الفوارق الاجتماعية الحقيقية.
- أهمية المال في تحويل الخدمات العامة إلى سلعة
- قبول مشاركة رأس المال في الوظائف التي كانت تُعدّ من “القطاعات العامة” مثل الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية هو جزء من الانتقال النيوليبرالي الذي يشوّه معنى الدولة ووظيفتها كمُقدّم خدمة للمواطن وليس صاحب الربح.
- الهم الكبير: السؤال عن سبب هذا التحول وعدم وجود بدائل فعلية
- عندما تُطرح الشكوك حول خصخصة الخدمات أو الدفاع عن ملكية الدولة أو معارضة البيع السريع للمساكن العامة، يُصنّف المنادون بهذه المطالب بأنهم “ديناصورات”، أي أنهم متخلفون.
- الكتاب يتساءل: كيف حصل أن الخطاب النيوليبرالي سيطر، وأن المواطن صار “زبونًا”، والدولة صارت تبعًا للنظام الرأسمالي، دون أن يُقدّم أحد بديلاً مقنعًا؟
- الدولة ودورها في هذا التحول
- الدولة كانت ضرورية في تسهيل هذا الانتقال: إذ أن تدخل الحكومة لتمويل السوق، أو للمشاركة في الخدمات، أو لتشريع السياسات التي تفضّي للخصخصة، كان ضروريًا لشرعية الانتقال النيوليبرالي.
- بمعنى آخر، الدولة لم تُلغَ أو تُهمّش بالكامل، لكنها تغيّرت وظيفتها وصار يُنظر إليها كمقدّم خدمة للمصالح الرأسمالية بقدر ما للمواطنين.
- التحذير من قبول الوضع الراهن واللامبالاة
- انتقاد للصمت أو القبول الجماعي لهذه التحولات، مع التشديد على أن المؤمنين بالدولة العامة، بمبدأ العدالة الاجتماعية، والذين يدافعون عن ملكية الدولة والخدمات العامة، ليسوا خرجين عن الزمن، بل أنهم يحملون سؤالًا هامًا: لماذا لا يُطرح بديل؟ لماذا يُعامل الدفاع عن المصلحة العامة كموقف رجعي؟
مقارنة بين أفكار الكتاب والبحث المتاح

من مراجعات الكتاب والمقابلات مع طارق علي:
- يرى علي أن أحد أوجه الفكرة الأساسية هو أن فشل الأنظمة الشيوعية الرسمية (الاتحاد السوفيتي، الصين الرسمية، دول “السوشيالزم القائم” بالفعل) لا يعني موت فكرة الشيوعية نفسها، بل أن التطبيق الرسمي لهذه الفكرة شابته أخطاء/تحوّلات كبيرة.
- الكتاب كثَّف تاريخ الماركسية من بداياتها إلى التجربة التاريخية، مرورًا بما حصل بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى نهاية القرن العشرين، مع نقد للبيروقراطية، للديكتاتورية، وللأتربة الأيديولوجية التي شوهت بعض تجارب الاشتراكية.
- كذلك، أحد مزايا الكتاب أن طارق علي يحاول استعادة بعض عناصر الفكرة الأصلية للشيوعية التي طُرِحَت في المانفيستو الماركسي وغيرها، مثل المساواة، ملكية الوسائل الإنتاجية، العمل من كل حسب قدرته، والعطاء حسب الحاجة، فكرة الخدمة للناس لا الربح.
نقاط القوة في النسخة العربية
- ترجمة د. إيمان معروف قد تُضيف للقارئ العربي إمكانية فهم هذه الأفكار المركّبة بلغة عربية واضحة، مع الحفاظ على المعنى والدقة، وإن كانت بعض التعابير ربما تحتاج إلى تفسير ثقافي أو تأصيلي لدى القارئ العربي غير المعتاد على الخطاب السياسي الغربي أو الماركسي.
- أهمية الموضوع في السياق العربي المعاصر
- في كثير من الدول العربية، هناك نقاش مستمر حول دور الدولة والخدمات العامة، حول الخصخصة، عن عجز اليسار، عن تأثير المال والنخب في السياسة. هذا الكتاب يقدم تأملاً فكريًا من مصدر عالمي يُمكن أن يكون مفيدًا جدًا في هذه النقاشات.
- الإخراج والتركيز على الفكرة
- من وصف الغلاف (“لقد أفسد المال السياسة …”) نرى أن الكتاب لا يقدّم دراسة مملة بحتة، بل مقاربة نقدية حماسية، واضحة، موسوعة، ذهنها لا ينحصر في تنديد فقط بل يحاول فهم أسباب الظاهرة والتساؤل: لماذا لم يكن هناك بديل؟
بعض نقاط النقد أو التحدي
- الكتاب صغير الحجم (حوالي 90-100 صفحة في النسخ الأصلية) — قد لا يغطي جميع التفاصيل التاريخية أو الاقتصادية بعمق، لكنه يقدّم رؤية ذات طابع تمهيدي نقدي.
- ممكن أن يعتمد الكاتب على أمثلة من الغرب، مما قد يجعل بعض القرّاء العرب يشعرون أن السياق المحلي لم يُعرَض بنفس التفصيل، أو أن التحديات مغايرة قليلاً (الفقر، التخلف، المؤسسات المعقدة، النفوذ السياسي المخابراتي، إلخ).
- أولئك الذين يفضلون معالجة سياسية واقتصادية دقيقة جدًا (بيانات، إحصاءات، دراسات حالة محلية) قد يرون أن الكتاب يميل أكثر للنقد النظري والفكري، أقل إلى الأمثلة المحلية التفصيلية.
الخلاصة والتقييم
فكرة الشيوعية لطارق علي، في الترجمة العربية التي أشرفت عليها د. إيمان معروف، تمثل إضافة فكرية هامة للمكتبة العربية. الكتاب:
- ينقّب عن جذور الشيوعية كفكرة، لا كممارسة مستنسخة أو مشوّهة،
- يوضح كيف أن المال والنظام الرأسمالي استوليا على السياسة، وصيّراها أداة لخدمة رأس المال،
- يطرح تساؤلات ضرورية حول ما إذا كان ما نعيشه من خطابات سياسية واقتصادية هو أمر لازم، أم أنه نتاج اختيارات تاريخية، يُمكن تغييرها.
لمن يريد قراءة سياسية نقدية تُعيد فتح الأسئلة الكبرى، هذا الكتاب يصلح كمدخل ممتاز: ليس فقط لمعرفة تاريخية، لكن لفهم الحاضر، والتفكير في بدائل ممكنة.
