كتاب قوة السيطرة لمحمد الحمزة

مقدمة عن الكتاب والمؤلف

صدر حديثًا عن دار تام للنشر والتوزيع في الرياض، الكتاب “قوة السيطرة” للباحث الاجتماعي السعودي محمد الحمزة. يشتهر الحمزة بدراساته التي تمزج بين علم الاجتماع والتحليل النفسي، مع تركيز على التنمية الذاتية وفهم العلاقات الإنسانية من منظور عميق ومستدام.

في هذا الإصدار، يقدم المؤلف دراسة متعمقة حول مفهوم السيطرة، ليس كأداة قهرية أو مهيمنة على الآخرين، بل كقوة داخلية تتشكل من الوعي الذاتي، وتنمية الشخصية، والتحكم في العواطف والانفعالات، وصولًا إلى التأثير الإيجابي على الآخرين دون استخدام العنف أو التسلط.

الفكرة المركزية

الكتاب يبدأ بتوضيح أن السيطرة الحقيقية ليست مجرد القدرة على التحكم في الآخرين أو الظروف المحيطة، بل هي قدرة الإنسان على التحكم في ذاته أولًا. يقول النص على غلاف الكتاب:

“إنها ليست عزة قدرة على التحكم في الظواهر الخارجية، بل طاقة داخلية تشدّ الأوصال مع الذات وغرس النقد في الأعالي.”

من هذا المنطلق، يتحول مفهوم السيطرة من مجرد أداة للقوة المادية إلى قوة روحية ونفسية واجتماعية، حيث يصبح الفرد قادرًا على التأثير في محيطه بطريقة طبيعية وعميقة، ويصبح حضوره وسلوكه وسيلة للاتزان والاحترام من الآخرين.

المحاور الرئيسة

  1. السيطرة كقوة داخلية
    الحمزة يركز على أن السيطرة تبدأ من الداخل، من فهم الذات والوعي بمكنوناتها النفسية. وهي ليست امتيازًا يولد مع الإنسان، بل مهارة يمكن صقلها بالتدريب الذاتي، والمواجهة الواعية للذات، والنقد البنّاء للذات.
  2. الحضور والتأثير الصامت
    يربط الكتاب بين السيطرة والحضور الشخصي، فيصف تأثير الفرد الذي يتحكم في ذاته بأنه: “يصبح حضوره ساحة ينحني هذا الآخرون، حتى قبل أن يتحرّك أثراً ينطق.” هذه الفكرة تمثل جوهر السيطرة الحقيقية، حيث لا يحتاج الإنسان إلى فرض قوته، بل يكفي وعيه الداخلي وقدرته على التعبير عن ذاته بشكل متزن ليكتسب الاحترام والتقدير.
  3. السيطرة والكرزما الشخصية
    يشير المؤلف إلى أن السيطرة الداخلية تولد الكاريزما، أي قدرة الفرد على أن يكون نموذجًا للآخرين من خلال توازنه الداخلي ووعيه الذاتي، دون اللجوء إلى القوة الظاهرية أو القسوة. هذه الكاريزما ليست موروثة، بل نتيجة ممارسة مستمرة للتحكم في الذات والصمت الواعي والتأمل في العلاقات الإنسانية.
  4. السيطرة والتنمية الذاتية
    يعالج الحمزة موضوع التنمية الذاتية كأداة لصقل مهارات السيطرة. يتضمن ذلك:
    • مواجهة الخوف والقلق الداخلي.
    • تقبل نقاط القوة والضعف.
    • تطوير القدرة على اتخاذ قرارات مدروسة وهادئة.
    • تعزيز الوعي بالنقد الذاتي دون الانحدار إلى القسوة أو الاستعلاء على الذات.
  5. السلام الداخلي والاحترام الاجتماعي
    بحسب النص، السيطرة تمنح الفرد سلامًا داخليًا، يجعله قادرًا على ترك أثر إيجابي في محيطه، ويجعل الآخرين يحترمونه طواعيةً. هذا النوع من السيطرة يُظهر كيف يمكن للقدرة على التحكم في الذات أن تتحول إلى أداة لبناء العلاقات الاجتماعية الصحية والمتوازنة.

الأسلوب الأدبي والبلاغي

يتميز الحمزة بأسلوبه الأدبي الفلسفي العميق، حيث يمزج بين الصور المجازية واللغة التأملية. على سبيل المثال:

“تتجيل عظمة السيطرة في الطريقة التي يشبئ بها المرء فترات الشلق الدّاخلي، فنولد من جديد إنسانًا والقلّا ورحبه…”

هذا الأسلوب يجعل الكتاب تجربة فكرية وروحية، تحفز القارئ على التأمل في ذاته وفهم كيفية تطوير قوته الداخلية، بدلًا من مجرد القراءة السطحية لمفهوم السيطرة.

القيمة العلمية والاجتماعية

يمثل الكتاب جسرًا بين:

  • علم النفس الاجتماعي: في تحليل العلاقات وتأثير السيطرة على الديناميات الاجتماعية.
  • التنمية البشرية: في تقديم أدوات عملية لتطوير الذات والتحكم في العواطف.
  • الفلسفة الإنسانية: في استكشاف معنى القوة والهيمنة بعيدًا عن العنف، والتركيز على الاحترام والوعي الذاتي.

يعد الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين في هذه المجالات، كما أنه مفيد للقارئ العادي الذي يسعى لتطوير حضوره الشخصي وتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي.

الخلاصة

“قوة السيطرة” للحمزة ليس مجرد كتاب عن القوة أو الهيمنة، بل هو دعوة لاكتشاف القوة الداخلية وتنميتها بطريقة هادفة ومؤثرة. يقدم المؤلف نموذجًا للسيطرة الإنسانية التي تُبنى على:

  • الانسجام مع الذات.
  • فهم عميق لمكونات الشخصية.
  • احترام الآخرين والتأثير الصامت.
  • تطوير الكاريزما الطبيعية.

باختصار، هذا الكتاب يعد مرشدًا متكاملًا لفهم السيطرة على الذات، وتحويلها إلى أداة للنمو الشخصي والاجتماعي، ويستحق القراءة لكل من يسعى إلى تحقيق حضور مؤثر وإحداث أثر دائم في حياته ومحيطه.

الناشر: دار تام للنشر والتوزيع، الرياض
البريد الإلكتروني: Talampublishing@hotmail.com

كتاب قوة السيطرة لمحمد الحمزة
كتاب قوة السيطرة لمحمد الحمزة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى