موقف هنتنغتون من الإسلام في كتاب صدام الحضارات”

مراجعة كتاب
تأليف: د. علي هادي طاهر
إصدار: دار قناديل للنشر – بغداد
مقدمة
يأتي هذا الكتاب ليعيد قراءة واحدة من أكثر الأطروحات إثارة للجدل في الفكر السياسي الغربي الحديث: أطروحة صموئيل هنتنغتون في كتابه الشهير “صِدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي” (1996).
وقد أثارت هذه الأطروحة منذ صدورها موجات واسعة من النقاش، خصوصًا فيما يتعلق بموقفها من الإسلام الذي صوّرته بوصفه الخصم الحضاري الأبرز للغرب.
الدكتور علي هادي طاهر، أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة البصرة، يسعى من خلال هذا الكتاب إلى تفكيك موقف هنتنغتون، ونقد أسسه الفكرية والسياسية، في ضوء قراءة فلسفية نقدية واعية.
موضوع الكتاب
الكتاب يتمحور حول صورة الإسلام في خطاب هنتنغتون، ويتناول عدة محاور أساسية:
- كيف بنى هنتنغتون أطروحته عن الحضارات وموقع الإسلام فيها.
- تحليل تصنيفه للحضارة الإسلامية باعتبارها حضارة “تحدٍّ دائم” للغرب.
- نقد الأسس المنهجية التي اعتمدها في تعميماته عن الإسلام.
- رصد تأثير هذه الرؤية في السياسات الدولية بعد صدور الكتاب، خصوصًا بعد أحداث 11 سبتمبر.
البعد الفكري والفلسفي
ما يميز عمل د. علي هادي طاهر أنه لا يكتفي بسرد موقف هنتنغتون، بل يدخل في حوار نقدي معه:
- يبرز التناقضات الداخلية في نظرية صدام الحضارات.
- يكشف عن المنطلقات الأيديولوجية التي دفعت هنتنغتون إلى تضخيم “الخطر الإسلامي”.
- يقترح بدائل في فهم العلاقة بين الإسلام والغرب، تقوم على الحوار والتفاعل الحضاري بدلاً من الصراع.
الأهمية الأكاديمية
الكتاب يقدم خدمة علمية مهمة لطلاب الفكر السياسي والإسلامي:
- يثري النقاش حول صورة الإسلام في الفكر الغربي المعاصر.
- يضع أطروحة هنتنغتون في إطارها التاريخي والسياسي، بعيدًا عن التعميمات السطحية.
- يساهم في تفكيك خطاب الهيمنة الغربية الذي يوظف الثقافة كأداة للصراع.
اللغة والأسلوب
اعتمد المؤلف لغة أكاديمية رصينة، لكنها تتسم بالوضوح والسلاسة.
- يمزج بين التحليل الفلسفي والتأصيل التاريخي.
- يستخدم المقارنة والنقد المنهجي لإبراز ضعف مقولات هنتنغتون.
- يقدم أمثلة واقعية من السياسات العالمية التي تأثرت بأطروحة “الصدام”.
التقييم
الكتاب يعد إضافة نوعية إلى المكتبة العربية، لأنه يفتح مجالاً لفهم أعمق للعلاقة بين الغرب والإسلام في ضوء الفكر السياسي المعاصر. وهو ليس مجرد نقد لهنتنغتون، بل هو محاولة لإعادة التفكير في مفهوم الحضارة والاختلاف الثقافي من منظور إنساني وحواري.
الخلاصة
“موقف هنتنغتون من الإسلام في كتاب صدام الحضارات” عمل نقدي مهم يضيء جانبًا حساسًا من الفكر الغربي الحديث.
إنه دعوة إلى تجاوز خطاب الصدام نحو خطاب التعايش والفاهم الحضاري، مع وعي بالرهانات السياسية والفكرية التي تختبئ خلف التنظيرات الأيديولوجية.
