نيل ماكدونا ممثل هوليوودي يواجه الإقصاء بسبب مبادئه: الفن مقابل القيم

في مشهد نادر لا يتكرر كثيرًا في هوليوود، خرج الممثل الأميركي نيل ماكدونا عن صمته ليفجر قنبلة إعلامية هزّت الأوساط الفنية، حين كشف عن سنوات من التهميش والإقصاء من قبل صناعة السينما بسبب موقفه الأخلاقي الراسخ. ففي تصريح صريح وجريء، قال ماكدونا: “هوليوود انقلبت عليّ إذ لم أتمكن من الحصول على أي عمل فيها منذ سنوات بسبب رفضي تقبيل أي امرأة على الشاشة”.
المبادئ فوق الشهرة
لطالما عرف ماكدونا، المعروف بأدواره القوية في أفلام الأكشن والدراما، بتمسكه الصارم بمبادئه الدينية والأخلاقية. وأوضح أن رفضه أداء مشاهد حميمة كان دائمًا شرطًا أساسيًا في عقوده التمثيلية. غير أن التزامه هذا كلّفه غاليًا، فقد صرّح قائلاً: “انقلبت عليّ هوليوود تمامًا. لم يسمحوا لي بأن أكون جزءًا من المشهد بعد ذلك. ولمدة عامين، لم أتمكن من الحصول على أي عمل، وخسرت كل شيء يمكنك تخيله.”
ماكدونا لم يخسر فقط عقود التمثيل، بل وجد نفسه في عزلة نفسية ومادية. وأضاف بأسى: “لم أخسر فقط البيوت والأشياء المادية، بل فقدت ثقتي بنفسي، وهدوئي، وهويتي. كانت هويتي هي أنني ممثل، وممثل جيد جدًا. وعندما تفقد تلك الهوية، تشعر وكأنك تدور في دوامة لا نهاية لها”.
مسيرة فنية لامعة… رغم العثرات
وُلد نيل ماكدونا عام 1966 في ماساتشوستس، وهو من أصول أيرلندية، ودرس التمثيل في كلية الفنون الجميلة بجامعة سيراكيوز، ثم واصل دراسته بمعهد لندن للفنون المسرحية. بزغ نجمه في تسعينيات القرن الماضي، واشتهر بأداء الأدوار المركبة التي تجمع بين القوة والصلابة والعاطفة، وبرز في أعمال شهيرة مثل:
- “Band of Brothers” (فرقة الإخوة) من إنتاج HBO، حيث لعب دور الجندي “Buck Compton” وأثبت قدراته التمثيلية العالية.
- “Minority Report” و**”Flags of Our Fathers”** و**”Captain America: The First Avenger”** التي رسّخت مكانته كممثل سينمائي بارع في أدوار مساندة ولكن مؤثرة.
- كما تألق في التلفزيون في مسلسلات مثل “Desperate Housewives” و**”Justified”** و**”Arrow”**، ليظهر تعدده في أداء الأدوار المتنوعة بين الخير والشر.
رغم هذا الرصيد، فإن التزامه بعدم تقديم مشاهد رومانسية تتضمن التقبيل – احترامًا لزوجته وقيمه الدينية – جعله يدفع ثمنًا باهظًا، في صناعة لا تغفر غالبًا لمن يخرج عن “نصها” المألوف.
ما بين القيم والمهنة… نيل ماكدونا رمزٌ للمبدأ
قصة نيل ماكدونا تسلط الضوء على مفارقة صارخة في هوليوود: الترويج للحرية والتنوع، لكن في بعض الأحيان على حساب حرية الاختيار الأخلاقي. فرغم أن ماكدونا لم يطلب فرض قناعاته على غيره، فإن تمسكه بموقفه الشخصي قاده إلى التهميش، مما يطرح تساؤلات حول مدى تقبّل الوسط الفني للمواقف المختلفة إذا لم تتماشى مع تياره العام.
عودة الأمل… وصوت لا يُنسى
اليوم، وبعد سنوات من العزلة والصمت، يعود صوت نيل ماكدونا ليذكّر بأن الفن لا يجب أن يكون بالضرورة على حساب المبادئ، وأن الموهبة الحقيقية قادرة على الصمود حتى في وجه أقسى الأعاصير. قد تكون هوليوود أدارته ظهرها، لكن ملايين المتابعين حول العالم يقدّرون جرأته وشجاعته وتمسكه بهويته الخاصة.
في عالم متغير، تبقى قصة نيل ماكدونا تذكيرًا بأن بعض الأبطال لا يحتاجون إلى مشاهد بطولة على الشاشة، لأن مواقفهم الحقيقية تكون أعظم من أي دور يمكن أن يُعرض في فيلم.
