
القاهرة – رويا السعودية
إفريقيا المدهشة نافذة حوارية على الأدب الإفريقي المعاصر
في خطوة جديدة نحو تسليط الضوء على المشهد الأدبي في القارة السمراء، صدر حديثًا عن دار العين للنشر بالقاهرة كتاب بعنوان “إفريقيا المدهشة: حوارات مع كتّاب أفارقة”، وهو من تأليف الشاعر والمترجم المغربي حسن الوزاني، أحد الأسماء البارزة في الحقل الثقافي العربي.
يمثل هذا الكتاب نافذة غنية على التجارب الإبداعية المتنوعة في إفريقيا، ويأتي في لحظة فارقة يتزايد فيها الاهتمام العالمي بالأدب الإفريقي، وتتعالى فيها الأصوات التي تطالب بكسر النمطية السائدة حول القارة، وإعادة تقديمها بوصفها حاضنة ثقافية نابضة بالحياة، وفضاءً أدبيًا متجددًا.
لقاءات تتجاوز الجغرافيا
يتضمن الكتاب مجموعة من الحوارات الأدبية المعمّقة مع عدد من أبرز الكتّاب الأفارقة، من خلفيات لغوية وثقافية متنوعة (الفرنكوفونية، الأنغلوفونية، واللسانيات المحلية).
هذه الحوارات ليست مجرد لقاءات صحفية عابرة، بل تدخل في صلب التجربة الإبداعية لكل كاتب، وتلامس قضايا الهوية، والذاكرة، والتاريخ، ومفهوم الكتابة في سياق إفريقي متعدد ومركّب.
في هذا العمل، ينقل الوزاني القارئ العربي إلى قلب الأسئلة الكبرى التي تشغل الأدباء الأفارقة: كيف يُكتب الأدب في ظل الاستعمار السابق والاضطرابات السياسية؟ ما معنى أن تكون كاتبًا في إفريقيا اليوم؟ كيف تُترجم التجربة الإفريقية للعالم؟ وكيف تتفاعل الأجيال الجديدة مع تراث القارة الثقافي والروحي؟
مشروع ثقافي يتجاوز الترجمة
لعل ما يميز هذا الكتاب، إلى جانب لغته الأنيقة وأسلوبه الحواري المشوّق، هو كونه جزءًا من مشروع ثقافي متكامل للكاتب حسن الوزاني، الذي طالما سعى إلى مدّ الجسور بين الثقافة العربية وباقي الثقافات الإفريقية.
فبعيدًا عن التصورات التقليدية التي تحصر الأدب الإفريقي في فلك الفقر والصراعات، يقدّم الكتاب صورة “مدهشة” لقارة تزخر بالإبداع والتنوّع، وتملك صوتًا أدبيًا فريدًا يتجاوز الحدود.
الوزاني، الذي يتميز بثقافة موسوعية وانفتاح عميق على التجارب العالمية، ينجح هنا في أن يكون وسيطًا ثقافيًا واعيًا، يجمع بين الحس الصحفي والنفس الشعري والعمق المعرفي، ما يمنح الحوارات بعدًا أدبيًا وفكريًا متميزًا.
إصدار ضروري للقارئ العربي
في ظل ضعف التغطية الإعلامية والنقدية للأدب الإفريقي في العالم العربي، يُعد هذا الكتاب مساهمة نوعية ضرورية، تفتح للقارئ نافذة لاكتشاف أصوات أدبية أفريقية لم تحظَ بعد بما تستحقه من اهتمام في الساحة العربية.
كما يشكّل الكتاب دعوة ضمنية إلى مزيد من التفاعل الثقافي جنوب–جنوب، بعيدًا عن المركزيات التقليدية، وإلى إعادة التفكير في مكانة الأدب الإفريقي في المشهد الثقافي العربي والعالمي على حدّ سواء.
خلاصة
“إفريقيا المدهشة” ليس فقط عنوانًا لكتاب، بل هو رؤية ثقافية عميقة لقارة لا تزال تخفي في طياتها الكثير من الكنوز الأدبية. وبفضل هذا العمل الجديد، يمنح حسن الوزاني القارئ العربي فرصة نادرة للاطلاع على هذه الكنوز، من خلال صوت الكتّاب أنفسهم، في حوارات تنبض بالحياة، وتدهش، وتُلهم.
