جدل تصريحات سلوم حداد عن اللغة الفصحى بين الانتقاد والاعتذار

القاهرة / دمشق – خرج الممثل السوري سلوم حداد في الأيام القليلة الماضية بتصريحات أثارت جدلاً واسعًا في الوسط الفني بين مصر وسوريا، بعد أن انتقد أداء عدد من الفنانين المصريين في نطق العربية الفصحى، الأمر الذي أثار موجة من ردود الفعل، بين من رأى أنه نقد فني مشروع، ومن اعتبر أن التصريحات تجاوزت حدود اللياقة والمهنية.

ما قاله سلوم حداد

في مقطع مصوّر تداوله جمهور مواقع التواصل، وصف حداد أن قلة من الممثلين المصريين فقط هم من يجيدون نطق العربية الفصحى بشكل سليم، مستثنيًا من ذلك الراحلين نور الشريف وعبد الله غيث.

كما أضاف أن البعض يعاني من “مشكلة حقيقية” في نطق حرف الجيم، واستعرض ذلك بنبرة ساخرة عبر تقليد طريقة النطق لدى بعضهم.

ردود الفعل

  • استياء فنانين وجمهور مصري:
    فنانين مصريين ردّوا بشدة، معتبرين أن حداد أغفل الإرث اللغوي والفني المصري الذي يمتد لعقود، وأن هناك عددًا كبيرًا من الممثلين المصريين من يُتقنون الفصحى دون مبالغة. مثلاً، الفنان محمد علي رزق علق بأن هناك “فنانين مصريين كثيرين يتكلمون لغة عربية فصحى صحيحة مليون في المئة”.
    المخرج حسني صالح وصف ما ورد على أنه “سخرية” غير مبرّرة، وأكد أن التاريخ المصري في الأداء الفصيح غني بالرموز الذين لا يمكن تجاهلهم.
  • آراء تراعي وجهة نظر حداد:
    هناك من رأى أن حداد قد يملك جزءًا من الحقيقة، لا في السخرية بل في الملاحظة الفنية بخصوص تراجع أو تباين مستوى الأداء الفصيح في بعض الأعمال الحديثة. الفنانة هالة صدقي مثلاً عبّرت عن استغرابها من ردود الفعل الحادة، وقالت إن الجيل الحالي لا يشاهد الكثير من الأعمال التي تتطلب أداءً فصيحًا، وما زالت اللغة الفصحى في الحوارات الفنية أقل ظهورًا مما كانت عليه في الماضي.

التوضيح والاعتذار

بعد الجدل، خرج سلوم حداد بتصريحات توضيحية، وقال إن المقطع الذي انتشر هو قديم، وقد أُعيد تداوله مؤخرًا، وإنه لم يكن يقصد الإساءة بل كان يتحدث عن ملاحظة فنية، خصوصًا حول التبسيط أو التسرّع في الأداء الفصيح، لا عن فنانين بعينهم بطريقة مهينة.

وأعرب عن أسفه لكل من شعر بالإساءة، واعتبر أن للفنانين المصريين مكانة كبيرة، وأنهم “أساتذة” في المسرح والتلفزيون.

من جهة أخرى، تقبل أشرف زكي، نقيب المهن التمثيلية في مصر، الاعتذار، مؤكدًا أن “عمق العلاقات التاريخية والفنية بين مصر وسوريا أكبر بكثير من أن يتأثر بموقف عابر أو تصريح عفوي”.

تحليل وردود فعل موسعة

هذا الحدث يسلّط الضوء على عدد من القضايا الخاصة بالفن العربي:

  1. مستوى اللغة الفصحى في الإنتاج الفني المعاصر: كثير من المتابعين يشير إلى تراجع ظهور الفصحى في الدراما والسينما، مقارنةً بأعمال قديمة حيث كانت اللغة الفصيحة جزءًا جوهريًا من النص والشخصية.
  2. فارق التوقع بين الجمهور والنقاد والفنانين: فالجمهور غالبًا يكون حساساً لأي ما يُعتقد أنه تقليل من قيمة فنان، خاصة إذا كان ذلك من زميل في المهنة. أما النقاد فينظرون إلى الأمر من زاوية فنية بحتة.
  3. أهمية الصياغة والعرض: حتى لو كانت الملاحظة صحيحة من الناحية التقنية، فإن طريقة إيصالها (السخرية، التعميم، التقليد) تلعب دورًا كبيرًا في رد الفعل العام.
  4. العلاقات السورية-المصرية الفنية: التصريحات والاعتذارات تعكس أيضًا عمق الروابط التاريخية، وحساسية الجمهور المصري تجاه ما يتعلق بسمعة الفن المصري، خاصة في ما يخص اللغة والريادة.

الخلاصة

تصريحات سلوم حداد فتحت باب نقاش عام ومهم، بين من يرى أن ما قاله نقد فني جائز، ومن يعتبره تجاوزًا للحدود.

والاعتذار من حداد وقبوله من الجانب المصري يعكسان وعيًا بأهمية الحفاظ على التماسك الفني بين البلدان العربية، وبين أن التعبير الفني لا يجب أن يتحول إلى خصومة؛ الفصحى لغة مشتركة وجزء من هوية فنية وثقافية.

جدل تصريحات سلوم حداد عن اللغة الفصحى بين الانتقاد والاعتذار
جدل تصريحات سلوم حداد عن اللغة الفصحى بين الانتقاد والاعتذار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى