ماذا حدث في مطبخ جون سافوكا؟ قراءة في المكان السينمائي للكاتبة والناقدة هدى جعفر

معلومات عامة
- المؤلفة: هدى جعفر (قاصة وناقدة)
- الناشر: منشورات حياة @hayatpublishing
- العنوان: ماذا حدث في مطبخ جون سافوكا؟ قراءة في المكان السينمائي
- النص الموجود على الغلاف يعطي فكرة أن الكتاب ليس فقط عن الأماكن في السينما، بل عن أن السينما نفسها تُكتشف عبر أماكنها: المطابخ، الأقبية، الطرق، وغيرها من الاماكن التي تُشكّل تجارب بصرية ووجدانية في الفيلم.
الفكرة والمضمون
الكتاب يستكشف مفهوم المكان السينمائي ليس كمجرد خلفية أو ديكور، بل كمكوّن فاعل في بناء المعنى السينمائي، وفي تشكيل الذاكرة الجماعية، وفي خلق الصور الأيقونية التي تعلق في ذهن المشاهد.
الأماكن تتغيّر – من أفلام الرعب إلى أفلام الطريق، من الأبطال الذين يصلون أو لا يصلون، من الأقبية المسكونة إلى المطابخ – كل هذه الأماكن تمثل تجارب سينمائية وعنصراً ذا بعد رمزي.
هُدى جعفر تستخدم أكثر من ٦٠٠ فيلماً كمادة قراءة وتحليل، ما يعطي الكتاب اتساعاً غنياً في التنوع والتجربة. وهذا الكمّ الهائل يسمح بالربط بين أنماط سينمائية مختلفة، وتجارب ثقافية ومكانيّة متنوعة، ما يجعل القارئ يلمس كيف أن المكان ليس ثابتاً لكنّه ينبض بالحياة مع الشخصيات والمشاهد.
نقاط القوة
- شمولية المادة
استخدام أكثر من 600 فيلمات يمنح الكتاب وزناً معرفياً كبيراً، ويتيح تغطية كبيرة لأفكار متعددة وأنماط سينمائية متنوعة. - الرؤية النقدية للفضاء
الفكرة الأساسية – أن السينما تُكتشف عن طريق أماكنها، وليست فقط تقدمها – هي رؤية نقدية قوية، تُعيد التفكير في دور المكان، ليس كمشهد ثابت بل كمكوّن فعال يؤثر ويتأثر. - الجمع بين التجريبي والكلاسيكي
كما يذكر الغلاف، تمتد القراءة من الأفلام الكلاسيكية إلى التجريبية. هذا التنوع مفيد لجمهور واسع: من محبي السينما القديمة، إلى من يتابع الجديد والمبتكر. - الكتابة الموجهة للجمهور العام
رغم الطابع الأكاديمي الجزئي بفعل كمية الأفلام والتحليل، إلّا أن اللغة موجهة لمن يحب السينما، أو المكان، أو القراءة الجيدة – وهذا يوسع دائرة القُراء المحتملين، لا يقتصر على المتخصصين فقط.
بعض الملاحظات النقدية

- العمق مقابل السعة
بوجود أكثر من 600 فيلم، هناك دائماً خطر التعميم أو أن بعض الأفلام تُعالج بسطحية مقارنة بأخرى. قد يرغب القارئ المتخصّص في تحليلات أعمق لبعض الأمثلة بدل المرور السريع على الكثير منها. - اختيار الأمثلة ومدى التنوع الثقافي
مهم جداً أن الأمثلة تمثل تنوعاً ثقافياً – أفلام من السينما العربية، العالمية، التجريبية، وغير المعروفة. إذا كانت الغلبة لأفلام من مناطق معينة، قد يشعر القارئ بأن هناك تحيّزاً أو أن المنظور ليس شاملًا كلياً. - الترجمة أو الترجمة الحرفية للعناوين
غالباً في مثل هذه الكتب تُستخدم عناوين أفلام بلغات أجنبية أو مترجمة. من المهم أن تدقّ في نقل العنوان الأصلي والمترجم، حتى لا يفقدني القارئ العربي بعض الفروق الثقافية أو اللغوية. - التوازن بين النظرية والتطبيق
بعض القرّاء قد يميلون أكثر للنظرية الفلسفية أو النظرية السينمائية، بينما آخرون يفضلون الأمثلة السينمائية التفصيلية – كمشاهد، صور، تحليل بصري. جودة هذا التوازن تُحدّد مدى إنخراط القارئ مع النص.
أهم الإسهامات التي يقدمها الكتاب
- إعادة النظر إلى السينما من منظور المكان/الفضاء كمكوّن نشرّي للمعنى البصري والوجداني، وليس فقط كخلفية.
- توسيع المفهوم النقدي للأمكنة في السينما: من الأقبية المسكونة أو المطابخ، إلى الطرق، الأبطال الذين لا يصلون، وغيرها.
- جسر بين الأفلام الجماهيرية وأفلام المقاولات (الأفلام الصناعية)، وأفلام التجريب، مما يتيح رؤية متعدّدة الطبقات.
- تحفيز القارئ/النقاد/الباحثين للتفكير في كيف تشكّل الأماكن السينمائية ذاكرة، وكيف تؤثر في استقبالنا للفيلم، وكيف نعيد بناء الفيلم من خلال المكان.
من هم القرّاؤون المحتملون
- محبو السينما – سواء العربية أو العالمية.
- النقاد والباحثون في السينما، الراغبون في دراسة الأبعاد المكانية في التجربة السينمائية.
- الطلبة في أقسام السينما أو الدراسات السينمائية.
- أيّ شخص يملك اهتمامًا بالأماكن، المكانيات، الأماكن المادية والرمزية، سواء في الفن أو الثقافة أو حتى في الأدب.
مقام الكتاب ضمن المشهد النقدي العربي
يبدو أن الكتاب يسير ضمن تيّار نقدي متزايد الاهتمام بهوية المكان والمكانية في الثقافة العربية، خصوصاً في الفنون البصرية. في ظلّ ازدياد النقاش حول الهجرة، المهجر، الذاكرة، الهوية، والتجربة المكانيّة، يكون مثل هذا الكتاب ذا أهمية مضاعفة.
كما أنه يُضيف بعدًا إلى النقاشات السينمائية العربية التي غالبًا ما تركز على القضايا السياسية أو الاجتماعية، بينما تُهمل أحيانًا الأبعاد البصرية – المكان، التصوير، المشاهد، والتكوين المكاني.
خلاصة تقييمية
بشكل عام، ماذا حدث في مطبخ جون سافوكا؟ مشروع نقدي جريء ومهم، يجمع بين السعة المعرفية والرؤية الإبداعية، ويقدّم قراءة سينمائية من زاوية لا تُعطى في كثير من الأحيان الوزن الكافي: المكان/المكانة السينمائية.
إن استطاع المؤلفة الحفاظ على توازن جيد بين عرض الأمثلة وتحليلها، وتفادي التكرار أو العمق السطحي، فإنه سيصبح مرجعية قيمة لكل مهتم بالسينما أو بماهية المكان في الفن.
