
فقد عالم كرة القدم واحدًا من أبرز رموزه، برحيل المدرب الهولندي الأسطوري ليو بينهاكر عن عمر يناهز 82 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا وتكتيكيًا لا يُنسى، ومسيرة تدريبية زاخرة بالإنجازات امتدت على مدى عقود في ملاعب أوروبا.
ولد ليو بينهاكر في 2 أغسطس عام 1942 بمدينة روتردام الهولندية، وكان عشقه لكرة القدم منذ نعومة أظفاره مقدمة لرحلة طويلة في عالم التدريب بدأت مطلع السبعينيات، حيث سرعان ما ظهرت ملامح عبقريته على الخطوط الجانبية للملاعب.
امتاز بأسلوب قيادي قوي، وقراءة دقيقة للعبة، جعلاه مصدر إلهام للعديد من المدربين واللاعبين حول العالم.
المجد الملكي ذهب مدريد بين يديه
سُيكتب اسم بينهاكر بأحرف من ذهب في تاريخ نادي ريال مدريد الإسباني، حيث تولّى تدريبه في حقبة ذهبية بين عامي 1986 و1989، ليقود الفريق نحو الفوز بثلاثة ألقاب متتالية في الدوري الإسباني، في إنجاز لم يكن بالسهل وسط منافسة شرسة.
كما توج مع النادي بلقب كأس ملك إسبانيا، وأحرز كأس السوبر الإسباني مرتين خلال فترتيه مع الفريق الملكي.
لم تكن بداية بينهاكر في إسبانيا مع ريال مدريد، بل سبقتها تجربة مهمة مع نادي ريال سرقسطة بين عامي 1981 و1984، حيث وضع لبنات سمعته المميزة في الكرة الإسبانية.
بصمة بينهاكر المحلية أياكس وفينورد
بعيدًا عن إسبانيا، تألق بينهاكر أيضًا في ملاعب بلاده هولندا. فقد درب نادي أياكس أمستردام وقاده لتحقيق لقب الدوري الهولندي مرتين، وأعاد فريق فينورد إلى منصات التتويج بلقب الدوري مرة واحدة، مما عزز مكانته كأحد أبرز العقول التدريبية في تاريخ الكرة الهولندية.
مسيرة بينهاكر دولية وتجارب متنوعة
إلى جانب تجاربه في الأندية، خاض بينهاكر تجارب تدريبية دولية مع منتخبات مثل هولندا وبولندا وترينيداد وتوباغو، حيث تألق خصوصًا مع المنتخب الكاريبي بقيادته إلى نهائيات كأس العالم 2006، في إنجاز يُعد فريدًا ومفاجئًا آنذاك.
كما عمل بينهاكر في إدارة كرة القدم وشغل مناصب فنية واستشارية في الاتحاد الهولندي، وكان حاضرًا دوماً كموجه وخبير وصوت مؤثر في تطوير الفكر الكروي.
أسلوب بينهاكر وفلسفته
عُرف بينهاكر بلقب “دون ليو”، وهو لقب يعبّر عن هيبته واحترامه داخل وخارج الملاعب. جمع بين الانضباط والمرونة، وكان من أوائل المدربين الأوروبيين الذين مزجوا بين المدرسة الهولندية الشاملة والأسلوب اللاتيني الإبداعي. كان يؤمن بأهمية “اللاعب المفكر”، ودافع عن فلسفة تقول إن “الكرة لعبة بسيطة، لكن تبسيطها هو التحدي الأكبر”.

رحيل جسد وبقاء أثر
برحيل ليو بينهاكر، يفقد العالم الرياضي أحد أبرز المدربين الذين ساهموا في تطوير كرة القدم، وأحد القادة الذين صنعوا الفارق بتكتيكاتهم وقراراتهم الحاسمة على المستطيل الأخضر.
ستظل إنجازاته حاضرة في ذاكرة الجماهير، وستبقى بصماته واضحة في أساليب التدريب الحديث.
إنه وداع لرجل كتب فصولًا من المجد، وغرس في كرة القدم روحًا من الحكمة والابتكار. وداعًا دون ليو… لن تنساك الملاعب.