صدرت حديثًا عن دار سطور في بغداد الترجمة العربية لرواية “فلسطين” للكاتب والشاعر الفرنسي هوبير حداد، بترجمة المصطفى صباني.
الرواية، التي حازت على جائزة لويز بارو من الأكاديمية الفرنسية عام 2008 وجائزة القراء لعام 2008، تأتي لتؤكد على الأهمية الأدبية والإنسانية التي يطرحها الكاتب بأسلوب فريد وجريء، متناولًا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل عميق ومؤثر.
نبذة عن الرواية وأسلوب السرد
تتمحور الرواية حول حياة شاب يهودي يدعى “شاؤول”، جندي في الجيش الإسرائيلي، الذي يجد نفسه في قلب أحداث مشحونة بعد إصابته، حيث يستيقظ فاقدًا للذاكرة في قرية فلسطينية ويتعرف على حياة الفلسطينيين من منظور مختلف تمامًا.
يدور الصراع بين هويته الجديدة وظلال هويته السابقة، ويواجه تجربة إنسانية تدفعه للتساؤل حول مشروعية الحرب ومعنى الإنسانية.
يعتمد هوبير حداد في هذه الرواية على أسلوب سردي يجمع بين الواقعية المؤلمة والشاعرية الحزينة، مما يجعل الرواية تقترب من أسلوب الحكاية الفلسفية، حيث يمتزج الأدب والسياسة والتاريخ معًا لتقديم رؤية عميقة للصراع الدائر في فلسطين.
يتميز أسلوبه الأدبي بالاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والوصف الدقيق للمشاعر والأحاسيس، مما يعزز من الجانب الإنساني للرواية ويعكس قدرة الكاتب على التعبير عن تعقيدات النفس البشرية وسط ظروف قاسية.
المواضيع والقضايا المطروحة
تركز رواية “فلسطين” على مواضيع الهوية والانتماء والتضحية، وكيف يمكن للإنسان أن يتجاوز خلفياته الثقافية والعقائدية عندما يواجه حقائق إنسانية عميقة.
يضع حداد بطل روايته في اختبار أخلاقي عندما يتحول من جندي معتدٍ إلى شخص يقيم مع “العدو” ويفهم معاناتهم. تعالج الرواية أيضًا موضوعات الاحتلال والاغتراب والقوة التدميرية للحرب، وكيف تؤثر هذه العناصر على كلا الطرفين في الصراع.
من خلال الشخصية المحورية، يقدم حداد رؤية ناقدة ومؤثرة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، متناولًا بأسلوب أدبي كيف يعيش الناس وسط هذه الحروب، وكيف أن الألم والمعاناة يمكن أن يكونا نقطة توحد بين الأعداء. يركز الكاتب على أن الإنسانية مشتركة، وأن الحواجز العرقية والدينية لا ينبغي أن تفصل بين البشر.
رسائل الرواية وتأثيرها
رواية “فلسطين” ليست مجرد عمل أدبي، بل هي دعوة للتأمل في مفاهيم العدالة والسلام والتعايش الإنساني. من خلال شخصياته وأحداثه، يحاول حداد إعادة طرح تساؤلات حول معنى الوطن والهوية، ويتحدى القارئ ليعيد التفكير في مواقفه من الصراع.
إحدى الرسائل العميقة التي تطرحها الرواية هي أن الحرب لا تجلب إلا الدمار والألم، وأنه ربما توجد طرق أخرى لحل النزاعات بعيدًا عن العنف والدمار، هذه الرسالة تجعل من الرواية أكثر من مجرد سرد للأحداث، بل بيانًا إنسانيًا يدعو للتعاطف والتسامح.
خاتمة
تعتبر “فلسطين” عملًا أدبيًا متميزًا يجمع بين التوثيق التاريخي والطرح الإنساني، ويعكس قدرة هوبير حداد على الكتابة عن القضايا الشائكة بحساسية وعمق.
الرواية تضع القارئ أمام واقع مرير ومعقد، وتطرح أسئلة تتعلق بالمستقبل والسلام. تعتبر هذه الرواية قراءة ضرورية لكل من يرغب في فهم أبعاد الصراع الإنساني في فلسطين، وكيف يمكن للأدب أن يكون وسيلة للتعبير عن الألم والأمل في آنٍ واحد.